الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من نهي المرأة عن وصف محاسن امرأة لزوجها

السؤال

هل يجوز أن تصف المرأة جمال امرأة لزوجها، أم يحرم ذلك؛ لأنه قد يطلقها ليتزوج تلك المرأة! فإن كانت متزوجة: كرهها!
وهل وصفها قبح امرأة لزوجها: يعد غِيبة لها؟! مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ؛ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا: كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا. البخاري(5240)، (5241).
وهل يَحْرُمُ وصـف الزوج: قوة، وجمال، وذكاء، أو قبح رَجُل لامرأتِهِ؛ لنفس السبب؟!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمرأة وصف محاسن امرأة ومفاتنها أمام زوجها؛ لما رواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ، الْمَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.

وليس النهي مختصاً بالزوج وحده، وإنما هو عام للرجال.

فقد قال النووي في رياض الصالحين: باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل، إلاَّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه. اهـ.

وحكمة النهي هي: خشية الفتنة بالموصوفة، أو تطليق الزوجة.

قال الحافظ ابن حجر عند شرح هذا الحديث: قال القابسي: هذا أصل لمالك في سد الذرائع؛ فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يعجب الزوج الوصف المذكور، فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة، أو الافتتان بالموصوفة. انتهى.

وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: أي فتصف نعومة بدنها، ولينة جسدها، لزوجها، كأنه ينظر إليها، فيتعلق قلبه بها، ويقع بذلك فتنة، والمنهي في الحقيقة هو الوصف المذكور. اهـ.

وأما وصف قبح شخص ما، فهو من الغيبة المحرمة، وقد عرّف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة، بذكر الشخص بما يكره. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُو: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتَّهُ. صحيح مسلم.

ويجوز ذكر حال شخص ما في بعض الأحوال إن احتيج اليه، ومن ذلك جواب النبي صلي الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- فقد قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبا الجهم ومعاوية خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه. متفق عليه. وفي رواية لمسلم: وأما أبو الجهم فضراب للنساء.
ويحرم مدح رجل أمام النساء إن كان ذلك يفضي لتعلق قلوبهن به، وحصول الفتنة به من باب سد الذرائع.

وقد قال صاحب المراقي:

سد الذرائع إلى المحرم حتمٌ كفتحها إلى المنحتم

وسد الذرائع معناه عند أهل العلم: منع الأمر المباح في الأصل، لكونه يتوصل به إلى حرام، أو يؤول إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني