الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رفع الاجهزةعن الطفل الصغير المبتلى بأمراض كثيرة ولا يتنفس إلا بالجهاز

السؤال

أود أن أستشيركم في موضوع ابني، وعمره شهران ويرقد منذ ولادته في العناية المركزة في مستشفى الطب الدولي، وهو من أطفال متلازمة داون ـ منغولي ـ ولديه مشكلة في قلبه ـ عبارة بثقب كبير بين الأذنين ممتد للبطينين، أي أن حجراته الأربع مفتوحة على بعضها مع ضيق في الشريان الأبهر ـ مسببا له ضيقا في التنفس وضغطا في الشريان الرئوي سبب له تجمعا للسوائل في الرئة، ويعالجونه بأدوية مدرة للسوائل وكان لديه انسداد معوي وتم شفاؤه ـ ولله الحمد ـ وطلبنا نقله إلى المستشفى التخصصي لوجود جراحين للقلب بالنسبة للأطفال، والآن نتتظر عملية القلب في أقرب وقت، لأن حالته حرجة، وحسب ما قرأت فإن العملية خطيرة جدا إذا كان لديه ضغط في الشريان الرئوي، وكل ما تأخر أداء العملية زاد الضغط في الشريان الرئوي، ولكن عدم توفر سرير في العناية المركزة في المستشفى التخصصي هو سبب تأخر أداء العملية وحسب علمي فإن نسبة خطورة عملية القلب كبيرة، وقد أصبحت أشعر بأنهم يتفادون أخذه لأنهم يعلمون أنه لا مجال لنجاح العملية ولا يريدون إخبارنا وأشعر أن وجوده في المستشفى متعب له وأريد راحته، وهو معرض لأمراض كثيرة، لأنهم أعطوه جميع الأدوية المسكنة والمساعدة لعضلة القلب وأدوية كثيرة لا أعلم ما هي، وحسب ما أخبرني الأطباء فإنها لم تعد تؤثر فيه لذلك وضعوا له جهازا يساعده على التنفس لكي لا يجهد نفسه عند التنفس، وإذا أزيل هذا الجهاز فقد لا يعيش، وأفكر في إخراجه من العناية المركزة وأخذه بين أحضاني، فما حكم هذا الشيء؟ وهل هو حرام؟ وأعلم أن ذلك قد يسبب وفاته؟ وهذا لا يعني أنني أعترض على قدر ربنا لأنه رزقني بطفل مريض، بل أريد راحته، كما لا أريد أن يعذبوه بكثرة الإبر والأدوية والأجهزة الموصولة فيه والتي أشعر بأنها تعذبه، أريده أن يعيش في الجنة سعيدا ومرتاحا، أريد نصيحتكم، وفي نفس الوقت أخاف من غضب ربي، كما أشعر أن من واجبي أن أخرجه من هذه الأسلاك وأريحه، وفي نفس الوقت أخاف أن أكون سببا في وفاته مع أن ذلك من مصلحته، لأن الجنة أفضل له من أن يتعذب في هذه الدنيا.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا فرق في هذه المسألة بين حكم الطفل الصغير الذي إن مات كان من أهل الجنة، وبين الإنسان البالغ الذي إن مات لا يعرف مصيره إلى جنة أم نار! وليس المعتبر كذلك هو شعور المريض بالألم وعدمه، وإنما المعتبر هو حالته المرضية وهل هو في حكم الأحياء أم في حكم الموتى؟ وقد اختلف أهل العلم المعاصرون في ما إذا قرر الأطباء أن الحالة ميئوس من علاجها، وأنها لا تعيش إلا بوضعها على جهاز التنفس وغيره من أجهزة الإنعاش: هل يجوز رفع أجهزة الإنعاش عنه، أم لا؟ وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي في ما يتعلق برفع أجهزة الإنعاش عن المريض الموضوعة عليه في حالة العناية المركزة: المريض الذي رُكِّبت على جسمه أجهزة الإنعاش، يجوز رفعها، إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائيّاً، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء أن التعطيل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً بفعل الأجهزة المركبة، لكن لا يحكم بموته شرعاً، إلا إذا توقف التنفس والقلب، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة. اهـ.
والذي أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في جواب سؤال عن طفل تحت التنفس الصناعي، ولو سحب منه سوف يتوفى بعد عشر دقائق، أنه: إذا كان الأمر كما ذكر فلا مانع من نزع الجهاز التنفسي عن ولدك إذا قرر طبيبان فأكثر أنه في حكم الموتى، ولكن يجب أن ينتظر بعد نزعها منه مدة مناسبة حتى تتحقق وفاته. اهـ.
وعلى ذلك، فإن قرر الأطباء المعالجون لهذا الطفل أن حالته مطابقة لحالات الجواز السابقة، فلا حرج عليكم ـ إن شاء الله ـ في الأخذ بقول من سمينا ممن أجاز رفع أجهزة الإنعاش عنه، وإلا فلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني