الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة شروط الزواج والغيرة على الزوجة

السؤال

لدي مشكلة أعاني منها بشدة وأعتقد أنها دمرت أعصابي وحالتي النفسية: أنا شاب متزوج عندي 24 سنة وعندي طفل ـ الله يبارك لي فيه ـ وزوجتي عمرها 19 سنة ومازالت تدرس، وهنا المشكلة، فقبل الزواج كان من شروط الزواج عند أهلها أن تكمل تعليمها ولم أرفض ذلك وقتها، ولم أكن أعلم أنها ستكون مشكلة بالنسبة لي فيما بعد، فبعد الزواج مباشرة بدأت بعض المشاكل، ومعظمها بسبب حبي لها وخوفي عليها، فمثلا: لا أحب أن تخرج خارج المنزل وحدها ولو كان هناك أي طلب أو كشف أو غيره فلابد أن أرافقها وأوصلها بسيارتي، وكنت أحزن جداً إن خرجت حتى في بلكونة المنزل أو إن ظهرت في البيت عند وجود ضيف، وأحياناً كنت أغار عليها من أهلها ـ عمها وخالها وأبنائهما ـ وخاصة أن ابن عمها كان يريد الزواج منها، وبعدما انتهت إجازتها كان المفروض أن تذهب إلى الجامعة فبدأ حزني طبعاً وكنت أوصلها أيضاً وأنتظرها لكن بنفس غير راضية وأشعر أن الأمر صعب أن أتفرغ لتوصيلها للجامعة وأنتظرها، وبعد شهر تقريباً قررت تأجيل العام بسبب الحمل وكنت مرتاحا فيه، وكانت معظم مشاكلنا مشاكل عادية بين أي زوجين وإن زادت فتكون مشاكل بسبب غيرتي الزائدة وتجنبي دائماً للخروج من المنزل، وطوال الإجازة كنت دائماً أتحدث معها في أن تترك الدراسة لأنني لا أتحمل خروجها، ولم أستطع إجبارها على ذلك لأنني وعدتهم قبل الزواج، وعددت لها أمثلة لأزواج مات بينهم الحب بسبب الغيرة وبسبب خروج الزوجة وغيره، والمشكلة الرئيسية هي أنها لا تريد العمل بالشهادة، بل تريد الحصول على شهادة جامعية لترضي أهلها والناس، لأن الناس ينظرون لغير المتعلم نظرة غير جيدة، مع العلم أنني قلت لها قبل الزواج بأن مبدأ عمل الزوجة مرفوض تماماً... أريدها لي ولبيتي ولأبنائي، وبعد ذلك بدأت أسوأ فترات حياتي عادت الدراسة مرة أخرى وبدأت المشاكل، لأنني قلت لها إنني غير مسئول عن خروجها وعن تعليمها، وكل ما علي هو مصاريف زواجها وذلك للسبب الآتي ذهبت معها بداية العام الدراسي للتقديم في الجامعة وجربت أن أتركها وحدها وأراقبها من بعيد لأرى أفعالها، فكانت تتصرف بطريقة غير مناسبة تماماً رغم أنها على الفطرة وتعاملها على الفطرة، لكنني شاهدت أفعالا لم أستطع تحملها كالضحك بصوت عال وكوقوفها بجوار الشباب بدون تركيز...... ففي هذا اليوم ازداد غضبي بشأن الموضوع، ولن أتحمل توصيلها يومياً نظراً لظروف عملي الحالية التي تغيرت عن السابق، فأخبرتها بأن عليها أن تفعل ما تريد وانتظرت، فكانت النتيجة أنها تجاهلت كل التحذيرات وكل كلامي السابق وذهبت إلى الكلية وحدها، وتخرج من البيت الساعة السادسة صباحاً وتسافر وحدها أو مع صديقاتها أحياناً، وكل هذا يحدث وبداخلي بركان غضب أحياناً أستطيع كبته وأتحمل وأحياناً لا أستطيع فأغضب عليها وتغضب ثم يعود الحال مرة أخرى، ويوما بعد يوم يموت بداخلي حبي لها بسبب هذه الأفعال.... فهل يوجد حل لهذه المشكلة؟ وما هي الضوابط التي يجب أن تتحلي بها إن خرجت وحدها؟ وهل يجوز في الأصل سفرها للتعليم في جامعة مختلطة دون هدف؟ وهل إن تركتها تفعل ما يحلو لها أتحمل وزر ما تقوم به؟ أعتذر جدا جدا عن الإطالة، ولكنني أحب هذا الموقع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على حبك لموقعنا وثقتك بنا، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنك، وأن يوفقنا وإياك إلى طاعته وخدمة دينه، والراجح من أقوال الفقهاء أنه يجب الوفاء بالشروط التي تشترط من أي من الزوجين في العقد مما لا تتنافى ومقتضى العقد، ويمكنك مراجعة المزيد في الفتوى رقم: 1357.

فإن اشترطت زوجتك إكمال التعليم وجب عليك الوفاء لها بذلك، ولا بأس بأن يكون غرضها من الدراسة إرضاء أهلها، أو الوضع الاجتماعي ونحو ذلك، إلا أن هذا لا يعني الوفاء لها بذلك الشرط على كل حال، فإن ترتبت على دراستها مفاسد شرعية كالاختلاط المحرم ونحو ذلك، أو السفر بغير رفقة محرم، فيجب عليها تركها ولك الحق في منعها فمصلحة حفظ الدين مقدمة على أي مصلحة، وانظر الفتوى رقم: 136760.

ولا يجوز لك إقرارها على هذا الحال وإلا أثمت، وإذا منعتها والحالة هذه ولم تمتنع، وأصرت على الخروج كما تريد فهذا منها نشوز، وعلاج الناشز قد جاء به الشرع، وهو مبين في الفتوى رقم: 3011.

وراجع أيضا الفتوى رقم: 161663.

فإن لم تستجب لك فاستعن بالعقلاء من أهلك وأهلها، فإن حلت المشكلة وصلح الحال، وإلا فانظر إن كان الأصلح فراقها وننبه إلى أن غيرة الزوج على زوجته أو العكس أمر محمود حيث كانت هنالك ريبة، ولكن يجب الحذر من الغلو في ذلك بحيث تصير غيرة مذمومة، فيكون التجسس ونحو ذلك مما لا يرتضيه الشرع، فالاعتدال في الغيرة مطلوب، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 71340.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني