الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتعامل الإنسان من يؤذيه هو وأهله بالسب واللعن

السؤال

كيف أتعامل مع من يلعنني ويسبني ويشتمني، أو يشتم أهلي؟ وهل أرد عليه أم أضربه؟ وهل يلعن أباك شتيمة؟ وهل أهبل وحمار تعتبران شتيمة أم إساءة؟ وهل الإساءة والشتيمة شيء واحد؟ وكيف أتعامل مع من يسيء إلي كأنت ما عندك فائدة وأنت ممحوق ـ أي خمول؟ وهل أرد عليه بالمثل؟ لأن هذه الأشياء تمر بي كثيرا، وأصبحت حقيرا حتى عند أصغر الناس؟ وما الفرق بين اللعن والسب والشتيمة؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشارع الحكيم أذن لمن اعتدي عليه بضرب أو سب أو غير ذلك أن يرد بالمثل، ويأخذ بحقه، قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194}. وقال: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {الشورى:40}.

ولكن لا شك أن العفو عن المعتدين والتغاضي عن المسيئين أفضل وأكثر أجراً، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.

فالصبر على الأذى، وكظم الغيظ من صفات المتقين الوارثين للجنة، المستحقين لمغفرة الله ورضاه يوم القيامة، فالله يقول: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133ـ134}.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قبله رضا يوم القيامة. رواه الطبراني وغيره بألفاظ مختلفة عن ابن عمر وغيره.

وما ذكرته من ألفاظ ـ في السؤال ـ تعتبر إساءة وشتيمة، وذلك أن الإساءة أعم من الشتم، فإن الإساءة منها ما هي قولية ومنها ما هي فعليه، والشتم من الإساءة القولية، جاء في موسوعة نضرة النعيم: الإساءة القوليّة وهي أنواع: الأوّل: سبّ المسلم. انتهى.

وليس هناك فرق بين السب والشتم، فقد جاء في لسان العرب: الشَّتْمُ: قَبِيحُ الْكَلَامِ وَلَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ، والشَّتْمُ: السَّبُّ. انتهى.
وأما اللعن: فقد يكون بمعنى السب إذا كان من المخلوق، وأما إذا كان اللعن من الله فيكون معناه الطرد والإبعاد من رحمته سبحانه وتعالى، جاء في لسان العرب: واللَّعْنُ: الإِبْعادُ والطَّرْد مِنَ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: الطَّرْد والإِبعادُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنَ الخَلْق السَّبُّ والدُّعاء. انتهى.
والذي نوصيك به بعد تقوى الله تعالى هو عدم الاهتمام أو الاستماع إلى فضول العابثين، والاستعلاء على ما يلقونه من سب أو تعليق، فهذا الذي يرد عنك كيدهم ويمنحك الثقة بنفسك والقوة في شخصيتك، فقد وصف الله تعالى عباده المؤمنين بقوله: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا {الفرقان:63}.

وقال تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ {القصص:55}.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 54408، ورقم: 121348.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني