الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آثار النميمة وإفشاء الأسرار

السؤال

نحن ثلاث أخوة؛ أخ أكبر متزوج، وأنا الثاني متزوج، والثالث أعزب، نقيم ونعمل في مدينة غير التي يقيم فيها الوالد والوالدة مع أخ رابع، فوجئت أنا وزوجتي وأخي الثالث الأعزب بسخط شديد وغضب تجاهنا من قبل الأب والأم والأخ الرابع المقيم معهم، دون أي مبررات واضحة لذلك، لدرجة أنهم امتنعوا عن الرد على اتصالاتنا، مما تسبب لي ولأخي بتعب نفسي شديد، لدرجة أن أخي الأعزب كاد أن يفقد عمله بسبب ذلك، ومع الضغط والإصرار لمعرفة سبب هذا السخط أبلغنا أخي المقيم مع أبي وأمي بأن زوجة أخي الأكبر تقوم بإرسال أخبارنا وتحركاتنا أنا وزوجتي وأخي الأعزب أولا بأول من غير علمنا بالصدق والكذب عن طريق الاتصال الهاتفي بالوالدة، وعن طريق رسائل الواتساب، وقام بإرسال نموذج لنا من الرسائل التي قد أرسلتها لهم زوجة أخي الأكبر، وتسببت في هذا السخط؛ حيث وجدنا أن معظم الأخبار المنقولة كذب وافتراء وغير صحيحة بالمرة، وهدفها إشعال الفتنة وإيقاعي أنا وزوجتي وأخي الأعزب في مشاكل مع الأم والأب، حتى هناك بعض الأسرار المؤتمنة عليها زوجة أخي قامت بإفشائها لهم دون علمنا، وعندما قمنا بلومهم على ذلك، وأن ذلك لا يجوز، وحرام نقل الكلام، سواء كان صحيحا أم خطأ، وهذه غيبة ونميمة، وكان لا بد من التريث والتأكد من أي خبر يقال لهم عنا من قبل زوجة أخي ناقلة الكلام، وسيسبب شحناء وبغضاء بيننا، فكانت إجابتهم بأن هذا الشيء عادي، وأن الأم هي التي طلبت من زوجة أخي ذلك، وعندما وجهنا اللوم لأخي الأكبر زوج ناقلة الأخبار قال أنه يعلم بكل شيء، وأنه شيء عادي، ولا يرى أي ذنب في ذلك، فنحن حاليا جميعا كأخوة وكأب وأم حدث بيننا قطيعة لدرجة أن بعضنا لا يكلم الآخر، ولو كلمه يكلمه كالغريب.
أفيدونا -جزاكم الله خيرا-، وماذا نفعل في أمرنا -الأسرة تكاد أن تتشتت لا قدر الله-؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالرحم أمرها عظيم، فقد أمر الله بصلتها، ونهى عن قطيعتها، ففي صلتها الأجر العظيم، وفي قطيعتها الوعيد الشديد، ويمكن الاطلاع على النصوص الواردة في ذلك بالفتوى رقم: 31617، والفتوى رقم: 66800.

فالواجب بذل الجهد في تحقيق ذلك، وأن يذكّر الجميع بعظم هذا الأمر، وعدم جواز التساهل فيه.

والشيطان عدو الإنسان، وهو يسعى ليل نهار للتفريق بين الأحبة والتحريش بينهم، ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم». فينبغي تفويت الفرصة عليه، والسعي في الإصلاح، ورأب الصدع في الأسرة؛ فذلك من أعظم القربات، وانظر فيه الفتوى رقم: 2544608، فاستعينوا بالله تعالى أولًا، ثم بكل من يرجى أن يكون له تأثير من الأهل والأصدقاء.

ومن أعظم المنكرات: ما قامت به زوجة أخيكم -إن صح ذلك عنها- من نقل أخباركم إلى الوالدين على وجه يترتب عليه ضرر، وإفشائها لأسراركم، ومن المنكر -أيضًا- إقرار زوجها لها على ذلك، وأمر أمكم لها بالقيام بذلك، فإن ما قامت به يشبه فعل السحرة والشياطين بزرع الفتنة في القلوب وإثارة الأحقاد والضغائن، فيجب نصحهم جميعًا بالتوبة إلى الله.

وننبه إلى الحرص على بر الوالدين على كل حال، فلا يحملنكم إساءة أي منهما على عدم البر به، فبر الوالد واجب ولو كان كافرًا، فإساءته لا تسقط عن الولد بره، وراجع الفتوى رقم: 3459.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني