الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من عاهد الله على فعل طاعات ولم يفعلها

السؤال

عاهد الله عز وجل على فعل طاعات (أكثر من 5 طاعات) وترك معاصي حتى يهديه الله عز وجل (كتبها في ورقة), ولم يفعل ونسيها سنين, ولكن رغم عدم فعله لها هداه الله عز وجل, والآن والحمد لله تاب ووجد الورقة التي كتب فيها هذه الطاعات:
بعض هذه الطاعات يعلم في نفسه أنه لن يستطيع أداءها (مثل صيام كل اثنين وخميس من كل أسبوع, وصلاة النوافل 12 ركعة وصلاة الضحى)
وبعضها يستطيع أداءها لكنه يخاف أن تتراكم عليه ولا يؤديها كل يوم بسبب الانشغال, (مع العلم أنه شخص موسوس)
فهل يكفر بصوم 3 أيام لكل هذه الطاعات أم كل طاعة يجب الصوم لها 3 أيام منفردة؟ يعني لو فرضنا أن هذه الطاعات كانت س و ش و ص هل يصوم 3 أيام لكلها أم يصوم 9 أيام؟
أم يجب عليه الوفاء بعهده؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في صيغة: أعاهد الله على كذا، والراجح أنها تارة تكون يمينا ونذرا، وتارة يمينا فقط، فإن التزم بها قربة وطاعة فهي نذر ويمين، كما هو الحال في هذا السؤال، وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر، وثمرة هذا التفصيل أن ما كان نذرا وأمكنه فعله لزمه ذلك ولم تجزئه كفارة يمين، أما ما كان يمينا فهو مخير بين أن يمضي ـ إن كان في غير معصية ـ أو يكفر كفارة يمين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29746.

وطالما أن السائل قد التزم بعهد واحد أنواعا من القرب من فعل طاعات وترك لمعاصي، فإنه يلزمه الوفاء بذلك كله، فإن لم يفعل فترك بعض هذه الطاعات أو فعل بعض هذه المعاصي، فعليه كفارة يمين واحدة عن عهده هذا، طالما كان لفظ العهد لا يقتضي التكرار، ولم ينو به تكرر الكفارة بتكرر مخالفة ما عاهد الله عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم. وراجع في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 256108، 8533.

وقال ابن قدامة في (المغني): إن كان المتروك خصالا كثيرة، أجزأته كفارة واحدة؛ لأنه نذر واحد، فتكون كفارته واحدة، كاليمين الواحدة على أفعال. اهـ.
وقال الرحيباني في (مطالب أولي النهى): (ويتجه باحتمال قوي اليمين) بالله تعالى (والنذر واحد) فلو لزمته كفارة يمين وكفارة نذر، وأخرج عنهما كفارة واحدة أجزأته عنهما، وكذا لو حلف بنذور مكررة، فتجزئه كفارة واحدة، وهو متجه. (ومن حلف يمينا واحدة على أجناس) مختلفة كقوله: والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست (ف) عليه (كفارة واحدة، سواء حنث في الجميع أو في واحد، وتنحل) اليمين (في البقية)؛ لأنها يمين واحدة، وحنثها واحد. اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب في (المعونة على مذهب عالم المدينة): حكم اليمين والنذر واحد في هذا الكتاب اهـ.

ثم إن من يعاني من الوسوسة، فلابد أن يعلم أن الأصل هو براءة الذمة، وأن اليقين لا يزول بالشك، فالأحكام الشرعية لا تثبت بالشك، فمن شك هل حلف أو نذر أو عاهد أم لا؟ فلا ينبني على شكه حكم.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 102321، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 51601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني