الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما حكم من أذنب ذنبًا، ولم يستغفر من خالص قلبه لأنه يعلم أن سيعود للذنب؟

السؤال

ما حكم من عمل ذنبًا، ولم يستغفر من خالص قلبه؛ لأنه يعلم أنه سيذنب نفس الذنب مرة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب على من عمل ذنبًا أن يستغفر الله تعالى من خالص قلبه، ويتوب إليه توبة نصوحًا؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا {التحريم:8}.

وترك الإخلاص في الاستغفار لكون الشخص يعلم أنه سيعاود نفس الذنب مرة أخرى.. هو من تلبيس الشيطان وكيده، ووسوسته، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:135}، وقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسَّاء، إذا ذُكر ذكر. رواه الطبراني، وصححه الألباني.

قال المناوي: (مفتنًا) أي: ممتحنًا، يمتحنه الله بالبلاء، والذنوب مرة بعد أخرى، والمفتن الممتحن الذي فتن كثيرًا (توابًا نسيًا إذا ذكر ذكر) أي: يتوب ثم ينسى، فيعود، ثم يتذكر فيتوب، هكذا يقال: فتنه يفتنه إذا امتحنه. انتهى.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يحكي عن ربه عز وجل، قال: أذنب عبد ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك. قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: «اعمل ما شئت».
فعلى المسلم أن لا يصر على الذنب؛ لأن الإصرار ينافي التوبة، وعليه كذلك أن يبادر إلى التوبة كلما وقع في الذنب، ولو تكرر منه ذلك، وأن يخلص إلى الله في توبته.

وشروط التوبة خمسة هي:

الشرط الأول: الإخلاص، وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عز وجل.

الثاني: الإقلاع عن الذنب.

الثالث: الندم على فعله.

الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه.

الخامس: أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حال الغرغرة عند الموت.

وراجع الفتوى رقم: 5976، والفتوى رقم: 1909.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني