الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الوسوسة والشك في الصلاة ونطق الحروف في القراءة

السؤال

أسأل الله لنا ولكم الهدى وحسن الخاتمة إن ربي سميع مجيب.
تمكنت مني وساوس عجيبة، بعضها قديم مثل الوسوسة في الطهارة والصلاة والنجاسة والقراءة، ولكن الوسوسة في الصلاة قد زادت عندي وتنوعت! فأصبحت مرات أشك في نطق تكبيرة الإحرام هل نطقتها بشكل صحيح؟ هل قلت أكبر أم أجبر مثلا؟ ومرات أشك في نطق التسليم هل نطقت السين صحيحة؟ هل نطقت كاف "عليكم" أم لا؟ أو هل نطقت هاء "الله" أم نطقتها خاء أم لم أنطقها أصلا؟ ولكن الوسوسة التي في القراءة هي ما عجزت عن تحمله، ففي الفاتحة والتشهد أصبحت أجد صعوبة شديدة في نطق الحروف وتمييزها، وخوفي من الوسوسة والنطق الخاطئ قد سبب لي خوفا في الصلاة ومن الصلاة، وأصبحت أتأخر عن الإمام في الركوع وربما بركن كامل، كأن يرفع الإمام مع هويي للركوع بسبب قراءتي الفاتحة التي لم أنته منها، وأغلب المرات أركع وأنا شاك هل نطقت ذلك الحرف كذا أم كذا؟ برغم إعادتي لكثير من الكلمات، وكذلك في التشهد الأوسط والأخير فإني أسلم بعد الناس كلها بفرق وقت ملحوظ، حتى أن الناس تمر من أمامي لأنهم لا يتخيلون أنه هناك من لم ينه من الصلاة بعد! وأصبحت أتحرج من منعهم، وحين كنت أصلي إماما قال لي أبي: لماذا تعيد كلمات من الفاتحة؟ فأخبرته أني أشك في نطق بعض الحروف، فقال لي بل تنطق بشكل صحيح، علما بأن أبي هو الذي علمني التجويد وهو متعلم لمخارج الحروف، ولا يترك لي خطأ إلا صححه لي خاصة الأخطاء المستديمة، أصبحت لا أقرأ في أي صلاة لي إلا الفاتحة، بمشقة وحيرة وغير رضا، ولا أقرأ أي سورة بعد الفاتحة، وأصبحت لا أصلي النوافل بعدما كنت محافظا على اثنتي عشرة ركعة، وحتى سنة العصر، بسبب انشغالي بإعادة الصلوات؛ لأني لا أخرج من الصلاة راضيا عن قراءتي فيها أبدا، ويا ليتني أرتاح في الإعادة، بل أعيد عدة مرات وأجد المشقة في إخراج الحروف وأستهلك وقتا طويلا ربما ربع ساعة أو ثلث ساعة، أرجوكم أسدوا لي النصح فإني أخاف أن أكون تاركا للصلاة مضيعا لها بغير أن أدري (فهل هذا صحيح: لو كنت أصلي بشكل خاطئ بغير علم ربما أكون مع تاركي الصلاة يوم القيامة؟).
من أكثر الحروف التي أوسوس بها في الفاتحة والتشهد هي حرف الدال (حين الإسرار بالقراءة) أسمعه تاء مع أني في الجهر أنطقه بسهولة شديدة إلا أني أشعر في السر أني أنطقه بهمس، وحين أحاول قطع الهمس عنه فإني لا أسمعه ولا أدري هل نطقته أصلا أم لا؟ فما قولكم في هذا؟
وأيضا حرف الياء المشدد في (إياك) و(التحيات) و(الطيبات) من حرصي على إخراجه بشكل صحيح أسمعه شينا أو جيما من الصفير.
أنا دوما أصلح ذلك ولا أعرض عنه، فهل فعلي صحيح؟ وهل إذا أعرضت عن ذلك وتبين لي بعدها أني أنطق ذلك بشكل خاطئ فهل على إعادة؟
وأخيرا أريد أن أعلمكم أن كل شكوكي تقريبا تكون في قراءة السر، أما في الجهر فلا أشك في شيء إلا أني أتوهم أني لم أنطق تاء نستعين والمستقيم، مع أني على يقين أني لا أقول (نسعين) أو (مسقيم).
وفي فتاوى لاحقة سأعرض عليكم أشكال الوساوس التي تنتابني كل يوم وتنغص علي معيشتي؛ لأني حاولت جمعها هنا ولكن الأمر سيطول ويتشعب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا داعي لأن تعرض علينا أشكال الوسواس التي تعاني منها فإن علاجها جميعا -سواء منها ما ذكرته وما لم تذكره- هو الإعراض عنها وتجاهلها وعدم الالتفات إليها، كما أوضحنا ذلك في فتاوى كثيرة جدا انظر منها الفتوى رقم: 51601، والفتوى رقم: 134196، فعليك إذا قرأت أن تنطق الحرف مرة واحدة ثم لا تعد قراءته مهما وسوس لك الشيطان أن قراءتك غير صحيحة، وعليك ألا تعيد شيئا من الصلوات بعد فراغك منها، وإن كنت تريد بما تفعله مرضات الله فإن مرضات الله تكون بالإعراض عن هذه الوساوس وعدم المبالاة بها، ولست إذا فعلت هذا تاركا للصلاة ولا مضيعا لها ولا متهاونا بها، بل أنت فاعل ما يجب عليك مؤد لما شرعه الله لك، وإذا فعلت هذا وأعرضت عن الوساوس واقتصرت على قراءة الحرف مرة واحدة ولم تعد شيئا من الحروف أو الكلمات أو الآيات أو الصلوات استرحت راحة عظيمة وحصل لك الخير في دينك ودنياك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني