الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صلى في المسجد البعيد وترك الصلاة في المسجد القريب خوفًا من الرياء

السؤال

أنا شاب محافظ على الصلوات الخمس في المسجد منذ رمضان الماضي ـ والحمد لله ـ وأذهب لأدائها في مسجد صغير في حيّنا، ولصغر المسجد أحسست أنني أصبحت معروفًا بين المصلين من خلال نظراتهم؛ مما جعلني أشعر بالرياء، خصوصًا مع محافظتي على التبكير، والصف الأول، وتفاديًا لأية شبهة للرياء قد تبطل عملي، قررت الذهاب إلى مسجد آخر في حيّنا أبعد قليلًا، والمشكلة أنني صراحة أخاف أن يتم اتهامي بالتخلي عن الصلاة جماعة من المصلين في حيّنا، فهل هذا الخوف يؤكّد شبهة الرياء حقًّا؟ وهل يعد القرار جيدًا بتغيير المسجد، وعدم الاهتمام بما سيظنونه بي مستقبلًا -جزاكم الله خيرًا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهنيئًا لك المحافظة على الصلوات في المسجد، مع الحرص على التبكير، والصف الأول، فواظب على هذا الحال، فإنك على خير ـ إن شاء الله ـ ولا تدع الشيطان يثبط من عزيمتك، ويوسوس لك بالرياء، وما شابه ذلك، فإن الوسواس مدخل من مداخله، التي لو أفلح في الدخول منها إلى المرء أفسد عليه أمور دينه ودنياه.

ومن ثم؛ فالذي نراه بخصوص مسألتك أن عليك أن تتجاهل الوساوس بهذا الأمر، وتستمر على الصلاة في المسجد الموجود بالحي، إن كان الحامل لك على تغييره هو ما ذكرت فقط.

وأما إن كانت لك نية أخرى في تغييره، مثل: زيادة الخطوات ـ وما شابه ذلك، فهذا خير، لكن المهم أن لا يحملك الإخلاص، وخوف الرياء على ترك الصلاة في أي مسجد، سواء كان ذلك القريب منكم، أم غيره، فإن الرياء كما هو حاصل في الفعل حاصل في الترك أيضًا، يقول الفضيل بن عياض -كما في شعب الإيمان-: تَرْكُ الْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَكَ اللهُ عَنْهُمَا. اهـ.

وسواء صليت في المسجد القريب أم البعيد عنكم، فلا تهتم بما يقال عنك، واجعل همك ومبتغاك رضا الرحمن فقط.

ثم اعلم أن الرياء أمر قلبي، فما دام قصد الإنسان من العبادة حسنًا، وهو التقرب إلى الله، وابتغاء رضوانه، خالصًا من أي شوائب، فإن الرياء منتف عنه مهما أظهر من طاعات، وواظب عليها، ورآه الناس على تلك الحال، وفي هذا جواب لقولك: فهل هذا الخوف يؤكد شبهة الرياء حقًّا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني