الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 28 سنة، مررت وعائلتي بظروف نفسية ومادية صعبة طيلة حياتي، منها طلاق أمي وأبي، وبعدها مرض أمي بالسرطان، مما أثر بشكل كبير على حالتي النفسية وسبب عندي توترا نفسيا، هذا إضافة إلى وضعي الصحي المتردي، ووضع العراق الأمني المتردي، المشكلة التي أمر بها الآن هي أني لا أتقبل أي كلام يوجه لي سواء في البيت أو في العمل، وأجيب الشخص المقابل بصورة غير لائقة وبعصبية وتوتر، خاصة إذا كانت وجهة نظره معاكسة لوجهة نظري، أحاول حاليا السيطرة على نفسي ولكن لم أنجح، أشعر أن الموضوع خارج عن إرادتي، علما أن هذه ليست أخلاقي ولم أكن هكذا في السنوات الماضية، وإني أحفظ القرآن كاملا ومجازة برواية حفص وملتزمة بصلاتي، وعندي علم ديني شرعي، ضميري يؤنبني ليل نهار بسبب عدم احترامي للناس ووجهة نظرهم، وأشعر أني عاقة لوالدي بسبب أسلوبي غير اللائق معهم، وأشعر أن القرآن سيكون حجة علي وليس لي، علما أن أسلوبي تغير نحو الأسوأ في السنوات الثلاثة الأخيرة فقط.
أفتوني مأجورين، هل سأحاسب في الآخرة على أسلوبي مع والدي ومع الناس كما يحاسب الناس العاديين؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يفرج كربك، ويهدي قلبك، ويشفي أمك.
وبداية ينبغي للمسلم أن يستحضر أن الحياة الدنيا دار ابتلاء، يبتلى فيها بالخير وبالشر، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}.
وينبغي له كذلك أن يحرص على الصبر على البلاء والمصائب فإنها سبب في مضاعفة الأجور وتكفير الذنوب، قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. وراجعي الفتوى رقم: 133825 في سبيل الصبر على المصائب.
ثم اعلمي أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، كما في حديث أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين... الحديث. أخرجه البخاري ومسلم.
وقد روي أن كل الذنوب يؤخر الله منها جزاء ما شاء إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات.
فحري بمن استحضر هذا الوعيد وتأمل عظمة حق والديه، وعظيم جرم عقوقهما، أن يتجنب ذلك، ويتحرى الإحسان إليهما، وترك الإساءة إليهما ولو أساءا، وقد بينا كيفية التخلص من داء العقوق وأسبابه في الفتوى رقم: 121149.
وكل من أسأت إليه بقول أو فعل من الناس فعليك أن تتوبي إلى الله وتستغفريه من ذلك، ثم إن كنت تعرفينهم بأعيانهم فيجب عليك استحلالهم مما قلته في حقهم، إلا أن يترتب على ذلك مفسدة أعظم، وانظري مثلاً الفتوى رقم: 36984، وما أحيل عليه فيها.
كما بينا فضل المسامحة والتحلل من الظلامات وما يجوز من ذلك وما لا يجوز في الفتوى رقم: 99127.
ولا فرق بينك وبين بقية الناس في محاسبة الله ومؤاخذته، أو عفوه ومغفرته، فالجميع عبيد الله يجري عليهم حكمه في الدنيا والآخرة، فهم يدورون بين عدله وفضله.
وللفائدة راجعي الاستشارة رقم: 2110164. في كيفية علاج العصبية وسرعة الغضب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني