الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكذب مذموم وإن لم يكن على رسول الله أو يمينا كاذبة

السؤال

هل يعاقَب الإنسان الذي يكذب بكثرة، ولكن هذا الكذب لم يصل إلى حد اليمين الكاذبة أو الإتيان بأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما يكذب في حديثه؛ فمثلًا: يزيد على كلامه والقصة التي أتى بها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكذب من أقبح الخصال، وإن لم يصل إلى الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو إلى الحلف كاذبًا، وراجعي في ذم الكذب الفتويين: 3809، 247153.

وقد ذكرنا بالفتوى رقم: 274795 أن الكذاب قد يعاقب بوقوعه في النفاق الأكبر؛ فإن الكذب من النفاق الأصغر، وقد يقود إلى النفاق الأكبر.

ولو لم يكن من عقوبة كثرة الكذب سوى أن يكتب عند الله كذابًا، لكان حريًّا بالعاقل أن يتجنبه.

قال النووي في شرح الحديث الذي رواه مسلم: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا»: قَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذَا فِيهِ حَثٌّ عَلَى تَحَرِّي الصِّدْقِ، وَهُوَ قَصْدُهُ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ، وَعَلَى التَّحْذِيرِ مِنَ الْكَذِبِ وَالتَّسَاهُلِ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا تَسَاهَلَ فِيهِ كَثُرَ مِنْهُ، فَعُرِفَ بِهِ، وَكَتَبَهُ اللَّهُ لِمُبَالَغَتِهِ صِدِّيقًا إِنِ اعْتَادَهُ أَوْ كَذَّابًا إِنِ اعْتَادَهُ، وَمَعْنَى يُكْتَبُ هُنَا: يُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ، وَيَسْتَحِقُّ الْوَصْفَ بِمَنْزِلَةِ الصِّدِّيقِينَ وَثَوَابِهِمْ أَوْ صِفَةِ الْكَذَّابِينَ وَعِقَابِهِمْ. وَالْمُرَادُ: إِظْهَارُ ذَلِكَ لِلْمَخْلُوقِينَ إِمَّا بِأَنْ يَكْتُبَهُ فِي ذَلِكَ لِيَشْتَهِرَ بِحَظِّهِ مِنَ الصِّفَتَيْنِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَإِمَّا بِأَنْ يُلْقِيَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَأَلْسِنَتِهِمْ، كما يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ وَالْبَغْضَاءُ، وَإِلَّا فَقَدَرُ اللَّهِ تعالى وكتابه السابق قد سبق بِكُلِّ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني