الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلمات من الغيبة وأخرى ليست منها .

السؤال

أودُّ إعلام فضيلتكم أنني أرجو بأسئلتي هذه الورع والتقوىهل من الغيبة:1. أن أقول ما قاله فلان؟2. أن أقول ما أتوقع من فلان فعله؟3. أن أقول شعوري تجاه فلان؟4. أن أقول ماذا يقصد فلان بقول كذا أو فعل كذا؟5. أن أقول عن فلان كلاما غير جيّد ولكن يمكنني قوله في وجهه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما هي الغيبة بقوله: ذِكْرُكَ أخاك بما يكره، فقيل له: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. رواه مسلم.
وبهذا يتضح الجواب عن سؤالك الخامس، وأنه لا يجوز أن تتكلم عليه بكلام غير جيد، أما أن تقول ما قاله فلان فإن كان نقل هذا الكلام على جهة الإفساد بين صاحب القول والمنقول إليه فليس بغيبة، ولكنه نميمة وهي من الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قتات. متفق عليه. والقتات هو النمام.
وإن كان هذا الكلام الذي تنقله قد دار في مجلس بينك وبين صاحبه ولا يحب صاحبه إفشاءه، فإفشاؤك له ليس بغيبة ولكنه لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما المجالس بالأمانة. أخرجه أبو الشيخ والخطيب.
أما أن تقول ما تتوقع أن يفعله فلان، فإن كان على جهة سوء الظن وفلان هذا ظاهره العدالة، فليس أيضاً بغيبة، ولكنه لا يجوز لأنه إساءة ظن بأخيك المسلم، وقد حرمه الله بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12]. وقد يدخل في البهتان.
وإن كان أخوك بخلاف ما ظننت كما في الحديث المتقدم فإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، وإن كان من غير سوء ظن فالأولى تركه؛ لأنه قد يتحقق توقعك وقد لا يتحقق.
أما إخبارك عما يقصده فلان بقوله وفعله فلا يجوز؛ لأنه إخبار بالغيب وبما لا تعلمه، قال تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]، إلا إن كان غلب على ظنك أو تيقنت أن ذلك مقصده وتعلق ببيان ذلك مصلحة ظاهرة.
وأما إخبارك عن شعورك تجاه فلان فليس بغيبة، فإن كان بأنك تحبه لدينه أو تبغضه لفسقه فلا حرج، وإن كان لغير ذلك فالأولى تركه؛ لأن حب المسلم وبغضه ينبغي أن يكون لله كما قال صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله. رواه أحمد والبيهقي وغيرهما، وننبه هنا إلى أمر يتعلق بالنقطة الخامسة وهو أن كون الشخص قادرا على أن يذكر آخر بالأمر الذي يكرهه في وجهه ليس مسوغا لذكره به في حال غيبته لأن العلة في تحريم الغيبة هي كونها اذية ، والأذية محرمة على كل حال سواء أكانت في غيبة الشخص أم كانت في حضوره بل لو قيل إنها في الحضور أشد تحريما لما كان ذلك ببعيد ، وقد قال تعالى (( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا )) ، والله أعلم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني