الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كل خلق الله حسن فلا تعبأ بالمستهزئين

السؤال

أنا شاب عمري 25 سنة، مشكلتي شماتة ناس على خلقتي وعلى صوتي مما سبب لي عزلة عن المجتمع، وسبب لي مشاكل كثيرة في حياتي مثل عدم أخذ حقي من ناس بسبب خوفي من أن يتكلم في خلقتي، وكذلك أفكر أن أترك العمل من أذية زملائي على خلقتي وصوتي، وكم مرة أتمنى الموت، وأتمنى أن تساعدوني في القضاء على هذه المشكلة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد روى أحمد في مسنده من حديث الشريد بن سويد الثقفي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع رجلا مِنْ ثَقِيفٍ، حَتَّى هَرْوَلَ فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَخَذَ ثَوْبَهُ، فَقَالَ: "ارْفَعْ إِزَارَكَ" قَالَ: فَكَشَفَ الرَّجُلُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أَحْنَفُ، وَتَصْطَكُّ رُكْبَتَايَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَسَنٌ" قَالَ: وَلَمْ يُرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَّا وَإِزَارُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. ففي ضوء هذا الحديث يتبين لك أن خلقتك مهما كانت فهي حسنة؛ لأنها خلق الله عز وجل، فعليك أن تستشعر فضل ربك عليك وتنظر إلى ما ميزك الله به من الخصائص وحباك من الفضائل، وتعلم أن خلقتك لا تشينك إذا كنت معتصما بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن الفضل عند الله ليس بحسن الوجوه ولا جمال الأصوات، ولكنه بتقوى الله عز وجل كما قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13}، فلا تخجل من خلقة خلقك الله عليها ولا من صوت منحك الله إياه، ومن سخر منك فإنما يعيب خلق الله تعالى ويعرض نفسه لسخطه وعقوبته، فعليك أن تنهى من يسخر بك وتبين له أن الله تعالى نهى عن هذا، وأنه بهذا يؤذي نفسه ولا يؤذيك أنت، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ {الحجرات:11}، فلا داعي لهذا التشاؤم والضيق، بل عليك أن تستقبل حياتك بتفاؤل وانشراح صدر، ولا تعبأ بالمستهزئين فإنهم إنما يؤذون أنفسهم ويضرونها، ويكتب الله لك باستهزائهم الأجر والمثوبة، ولا تتمن الموت لهذا الضر الذي أصابك، بل اصبر على ما ابتلاك الله، وارض بما قسمه الله لك، واجتهد في طاعته والتقرب إليه تنل سعادة الدنيا والآخرة، ولا تترك عملك؛ بل عش حياتك بصورة عادية طبيعية غير مكترث بهؤلاء المستهزئين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني