الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القول على من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بأنه كذاب

السؤال

سؤالي -جزاكم الله خيرًا-: ما حكم أن يقول شخص لشخص آخر يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر: "مطوع كذاب"؟ دخل في النية، وأدخل الحزن على قلب الشخص الآخر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن وصف المسلم -فضلًا عن الآمر بالخير- غير المعروف بالكذب بأنه كذاب من المحرمات في الشرع، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}. قال القرطبي: أذية المؤمنين والمؤمنات هي أيضًا بالأفعال والأقوال القبيحة، كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق. وهذه الآية نظير الآية التي في النساء: "ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا" [النساء: 112] كما قال هنا. وقد قيل: إن من الأذية تعييره بحسب مذموم، أو حرفة مذمومة، أو شيء يثقل عليه إذا سمعه، لأن أذاه في الجملة حرام. وقد ميز الله تعالى بين أذاه وأذى الرسول وأذى المؤمنين فجعل الأول كفرًا والثاني كبيرة، فقال في أذى المؤمنين: "فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا". اهـ.

وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. متفق عليه.

وبوب النووي في كتابه رياض الصالحين: باب تحريم سب المسلم بغير حق. وذكر تحته الآية والحديث المتقدمَين.

وإذا وصف الشخص من أمره بالمعروف بأنه كذاب دفعًا للنصيحة فقد وقع في حوب آخر، وهو رد الحق وبطره، وقد أخرج النسائي في السنن الكبرى عَن عبد الله-يعني ابن مسعود- أنه قَالَ: إن من أكبر الذُّنُوب عَند الله أَن يُقَال للْعَبد: اتَّقِ الله. فَيَقُول: عَلَيْك نَفسك. -وأخرج نحوه مرفوعًا-. فكيف بما هو أعظم من قول (عليك نفسك)، كوصف الناصح بأنه كذاب؟

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 74383.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني