الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جزاء من صفح وتجاوز عمن يؤذيه

السؤال

لا أهجر أحدا ولا أقاطع أحدا من إخوتي أو أصدقائي أو أقاربي مهما فعل وأسامحهم وأتناسى أخطاءهم خوفا من الله حتى لا أكتسب الإثم ولكنهم يزيدون الضغط علي وربما كان الحق معي فقلبوه لهم وقاطعوني، وقد تعبت من كل الناس، فلا أحد يستحق طيبتي ومعاملتي الحسنة وفي كثير من الأوقات عندما يزعجني أحدهم وينهرني حتى أختي التي هي أصغر مني أجلس وأبكي مع أنني قادرة على مبادلتهم بالمثل لكنني أحتسب الأجر عند الله وأكظم غيظي، ولكنني أهون عليهم يوما بعد يوم ويزيدون في تعبي، ومهما فعلت من أشياء تسعدهم فإنهم ينتظرون مني خطأ واحدا كي يعاتبوني ويهجرونني، فماذا أفعل حتى لا أكتسب الإثم بالمقاطعة، وفي نفس الوقت أمنعهم من معاملتهم السيئة وقلة ذوقهم؟ وهل عندما يهجرونني بلاسبب أتركهم؟ أم ماذا أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعفو والصفح من شيم الكرام، وهو لا يزيد صاحبه إلا عزا ورفعة في الدنيا والآخرة، فاستمري على ما أنت عليه من مخالقة الناس بالخلق الحسن تبتغين بذلك وجه الله تعالى وثقي أن الله تعالى سيبدل عداوة من تعاملينه بالحسنى مودة وبغضه حبا، كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.

واعلمي أن ما يذخره الله لمن عفا وأصلح في الآخرة أعظم وأكبر، كما قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}.

وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.

وقال تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى{البقرة:237}.

والجزاء من جنس العمل، فمن عفا عفا الله عنه ومن تجاوز تجاوز الله عنه ومن سامح سامحه الله، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}.

فالأصل إذًا هو العفو والصفح، ولكن إذا علمت أن عفوك لا يؤدي إلى الإصلاح وأنه يزيدهم تماديا في الشر، فلك أن تعامليهم بالمثل وأنت تحتسبين في ذلك أن يكون إصلاحا لهم، ولتنظر الفتوى رقم: 278878، لبيان الحال التي لا يفضل فيها العفو عن الحقوق.

وإذا هجروك ولم يكن منك تقصير ولا جرم، فلا إثم عليك، ويجوز لك هجر من يؤذيك بالقدر الذي يردعه عن الأذية ويدفع عنك شره، وانظري الفتوى رقم: 289867.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني