الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج وساوس عدم قبول الطاعات

السؤال

أنا فتاة في الـ 21 من عمرى, أصلي منذ ثلاث سنوات تقريبًا، ولكن دومًا تأتي عليّ فترات أشعر بشعور غريب بأن الله لا يحبني، وأن الله لا يريدني، وأن الله لا يتقبل صلاتي، وهذا بسبب عدة أسباب، منها: ارتكابي لبعض الذنوب, وهذا الإحساس صار متواصلًا لا ينقطع أبدًا، وهذا الإحساس يكاد أن يكرهني في نفسي, أنا أفعل بعض الذنوب والمعاصي، وأشعر بتأنيب ضمير يكاد أن يقتلني، وأبكي كثيرًا خوفًا من معاقبة الله, وأحلف مرارًا وتكرارًا أني لن أعود لهذا الذنب مجددًا، ولكن أرجع مرة أخرى، وأرتكب هذا الذنب, ودومًا أشعر أن صلاتي لا يتقبلها الله، وأقوم بإعادة الفرض الواحد ثلاث وأربع مرات، وأشعر أن صلاتي خاطئة، فأقوم بالتسليم قبل أن أنتهي وأعيد الصلاة, وهذا أيضًا يحدث في الوضوء، هذا الشك أن الله لا يتقبل مني ولا يحبني أشبهه بالجحيم؛ ما أصعب أن أصلي وأشعر أن الله لا يتقبل!
أنا أعلم أن صلاتي لن تكون كما يحب الله، ولكن أحاول دومًا، وعندما أصلي أفكر في أشياء كثيرة من الذنوب التي أرتكبها، ثم أقول: "إن الله لا يتقبل" فأترك الصلاة وأعيدها، رغم أني أحاول دومًا أن أجتهد، والآن أصلي التراويح والضحى لأول مرة، ولكن لا زلت أشعر بأن صلاتي لا تقبل, دومًا أشعر أن الله لا يتقبل مني، وأني مهما قرأت لا آخذ ثوابًا وحسنات. وأيضًا نفس الشك في قراءتي للقرآن، أنا السنة الماضية في شهر رمضان كنت أقرأ دون فهم بنية ختم القرآن فقط، هذا العام في الشهر الكريم أفعل شيئًا أود أن أعلم هل هذا صحيح أم لا؟ أقوم بتفسير صفحة صفحة، وأسمعها من شيخ، وأقوم بقراءتها، وهكذا، فهذه الطريقة يجوز لي أن أختم القرآن بها أم لا؟
ودومًا أشعر أنني غير طاهرة، فأترك القرآن وأقوم أتوضأ وأعود لأستكمل قراءتي، ولكن هذا الموضوع يتكرر أكثر من 3 مرات في الساعة الواحدة, ودومًا أشعر أنني لم أكن في أحسن حال لكي يتقبل الله مني قراءتي لكتابه الشريف, وأظل أفكر في أشياء تجعلني أشك في كل شيء أفعله.
فأنا أشعر بأنني بشخصيتين؛ شخصية تريد الله وجميع الأعمال التي تقربني منه، وشخصية ضعيفة سرعان ما تفقد السيطرة على نفسها وتخضع لذل الشيطان, أعلم أنه لا يوجد شياطين في شهر رمضان، ولكن لماذا دومًا أفكر بذنوبي، وأكره نفسي، وأشعر أن الله لا يتقبلني من عباده الصالحين، وأن الله لا يتقبل صلاتي ولا صومي ولا قراءتي للقرآن؟
أنا حقًّا في دوامة مأساوية بين حب الله وبين ضعف النفس، وأنا أحب الله كثيرًا، ولا أريد فعل أي شيء يغضبه، وأصلي وأقرأ القرآن، ولكن ما زلت أشعر بأن الله لا يتقبل مني شيئًا، وهذا يجعلني أعيد صلاتي وقراءتي للقرآن، ويجعلني أشعر بأن صيامي لا يقبله الله.
أرجو إفادتي، وماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فواضح أنك مبتلاة بالوسوسة، والذي ننصحك به أولًا هو: الإعراض عن الوساوس، وتجاهلها وعدم الالتفات إلى شيء منها، فلا تقطعي الصلاة بعد شروعك فيها، ولا تقطعي الوضوء بعد شروعك فيه، ولا تتركي القراءة لشكك في انتقاض طهارتك، بل استمري في عباداتك، واقهري هذا الوسواس وجاهديه حتى يذهبه الله عنك بمنِّه، وانظري الفتوى رقم: 51601.

وأما شعورك بعدم تقبل عباداتك فهو من وسوسة الشيطان، وإنما يدفعه عنك إحسان الظن بالله، والعلم بأنه تعالى لا يضيع أجر المحسنين، فأحسني ظنك بربك تعالى، وأقبلي عليه، ولا تقنطي من رحمته، واجتهدي في عبادته، وسليه قبول أعمالك الصالحة؛ فإنه سبحانه ذو الفضل العظيم، وأما ذنوبك فعالجيها بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وكلما ألممت بشيء من هذه الذنوب فتداركيه بالتوبة، واعلمي أن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وأن الذنب مهما كان عظيمًا فإن عفو الله سبحانه أعظم، ولا حرج عليك في أن تختمي القرآن بالطريقة المذكورة، كما لا حرج عليك كذلك في القراءة وإن لم تفهمي معاني بعض الآيات، وهذا كله من الخير الذي تؤجرين عليه -إن شاء الله-، فاستمري في فعل الخير ولا تمنعك منه هذه الوساوس الشيطانية التي يريد الشيطان أن يبعدك بها عن العبادة ويصدك عن الطاعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني