الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أعاني معاناة شديدة جدا حتى أصبت باكتئاب لا يكاد ينتهي وكرهت المنزل بسبب موقف حصل قبل ثلاثة أشهر ومع ذلك فكأنه بالأمس، مشكلة حدثت بيني وبين اثنتين من أخواتي غير الشقيقات وأخي الأكبر وزوجة أبي، فقد ظلموني ظلما كبيرا لم أستطع أن أغتفره لهم حتى أصبحت في حالة ميؤوس منها، فتارة أقول سامحهم الله وأسامحهم، وتارة أدعو عليهم، وتارة أفكر بالانتقام منهم، لكن أمي وأبي سيزعجهما ذلك، فأبي مريض، وأمي تريدني أن أسامح في كل شيء وأهضم حقي تماما ولا أدخل في أي مشكلة وكأنني من ملائكة وتلومني بالرغم من أن خطأهم واضح... فقد تضاربنا أنا وأخي أمام قريب لي، فأحرجت من ذلك، وأساء لأمي وكأنها ليست أمه من أجل أناس لا يستحقون ذلك... فهل يجوز لي الانتقام بالضرب أو غيره خاصة من أخي وواحدة من أخواتي التي ظهر لي من كلام أخي أنها نافقت دون أن تتلفظ معي بكلمة واحدة، وأستطيع ذلك ولكنني لا أريد أن أرتكب عقوقا أو ذنبا... فلا أنا من عفا وسامح وقلبه صاف، ولا أنا من انتقم وارتاح؟ وهل يجوز لي إذا قام بالدفاع عن نفسه أن أستخدم حديدة أو سكينا؟.
وجزيتم خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم أن العفو أقرب للتقوى، وأن الأمر كما قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}. وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}.

والآيات والأحاديث في فضل العفو والصفح كثيرة جدا، فعليك أن تستحضر هذه المعاني العظيمة، فإن ذلك يهون عليك أمر العفو، كما أن استحضار ما في ذلك من بر بوالديك اللذين يكرهان أن تنتصر مما يعينك كذلك على العفو والصفح، وقد ذكرت أنك قد عفوت وسامحتهم، فليس لك بعد هذا أن تعود للانتصار، وانظر الفتوى رقم: 133725.

كما أن الانتصار من الظالم إنما يكون بقدر مظلمته، وليس بما أراده الشخص أو رغب فيه، وانظر الفتويين رقم: 180089، ورقم: 198851.

وليس لك أن تشير لمسلم بسلاح كسكين أو نحوه، لئلا ينزغ الشيطان في يدك فيقع المحظور، وانظر الفتوى رقم: 300136.

فعليك أن تنضبط بضوابط الشرع المطهر وألا ترخي لنفسك العنان في فعل ما تريد، فإن الشرع حاكم على كل أحد، واعلم أن خضوعك للشرع واستسلامك لحكمه وفعل ما ندبك إليه وحثك عليه ابتغاء مرضات الله تعالى من أعظم ما ينشرح به الصدر ويطمئن به القلب ويزول عنك به الاكتئاب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني