الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت على شخص وتزوجته بعد الاختلاع من زوجها

السؤال

أحد الأشخاص من السعودية لديه والدة أجنبية تعرفت على أحد الأشخاص من جنسيتها وهي على ذمة أبيه، ثم ما لبثت أن اتفقت هي ومن تعرفت عليه أن تخالع زوجها وتتزوجه، وبالفعل حصل ما كانا يتمنيانه وسافرت وتزوجته، فخاصمها أبناؤها... وانحازوا إلى أبيهم... وبعد فترة رجعت لأبنائها لكي يوثقوا الزواج في المملكة ليكون الزواج نظاميا، فقالوا لها قولي لمن زوجك أن ينهي الإجراءات، فعادت المشاكل بينهم فقام ابنها الأكبر برفع قضية على زوجها ليثبت صحة النكاح وسجنه، فما كان منها إلا أن قامت برفع قضية عقوق على جميع أبنائها نصرة لزوجها، فأبناؤها وبناتها الصغار... ذهبوا ضحية هذا الصراع، وبعد مرور سنتين عادت المياه إلى مجاريها، وبعضهم يعامل زوج أمه باحترام وبعضهم لا يكلمه ولا يسلم عليه تفاديا للوقوع في المشاكل، فهل زوج الأم يعتبر مخببا؟ وهل على المرأة إثم بطلب الطلاق من زوجها الأول؟ وهل النكاح صحيح ؟ وهل ما فعله أبناؤها يعتبر عقوقا من رفضهم لزواجها وعدم إنهاء الإجراءات القانونية... وعدم اختلاط بعضهم معه تفاديا للوقوع في المشاكل؟ وهل الأم مذنبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلنبدأ بالأم فنقول: إن كان إقدامها على الاختلاع من زوجها لمجرد الرغبة في الزواج من الرجل الآخر، ولم يكن ثمة سبب مشروع يسوغ لها ذلك، فهي آثمة، لما روى الترمذي عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المختلعات هن المنافقات.

فيجب عليها أن تتوب إلى الله عز وجل، وشروط التوبة بيناها في الفتوى رقم: 4603.

وإن كان لها ما يبرر طلبها الخلع من زوجها كأن كرهت المقام معه وخشيت التفريط في حقه، فلا تأثم بإقدامها على الخلع، لأنه مشروع في حقها كما فعلت امرأة ثابت بن قيس ـ رضي الله عنه وعنها ـ ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 3118.

وإن كان هذا الرجل الذي تزوجها قد حرضها على فراق زوجها ليتزوج منها فهو مخبب لها، والتخبيب محرم، بل ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان زواج المخبب بمن خبب بها، وأكثر العلماء على صحة زواجه منها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7895.

وليس من حق الأبناء رفض هذا الزواج إذا تم مستكملا شروط الزواج الصحيح، وكان الواجب عليهم ـ فيما يظهر والله أعلم ـ طاعة أمهم فيما أمرتهم به من توثيق عقد الزواج، لأن طاعة الوالدين في المعروف واجبة، وهذا من الطاعة في المعروف، وتراجع الفتوى رقم: 3109.

فالمخالفة حينئذ نوع من العقوق، وليس من حقهم أيضا شكاية زوج أمهم لغير اعتبار صحيح، وليس في هذا الفعل بمجرده عقوق للأم إلا إذا لحقها منه أذى ليس بالهين، فقد يكون حينئذ من العقوق، وراجع في ضابط العقوق الفتوى رقم: 285880.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني