الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط نصر المستضعف

السؤال

أريد استفتاء حضراتكم في أمر خطير، يتعلق بإنقاذ حياة إنسانة مسلمة.
هناك فتاة كانت على دين النصارى، وأسلمت بفضل الله، لكنها تخفي إسلامها، وتتواصل مع عدد محدود من الأشخاص المسلمين، حتى لا ينكشف أمرها.
ولكن الحال هذا بقي له سنة ونصف، نتواصل هاتفيا، ولا نستطيع أن نساعدها لتأتي في وسط المسلمين؛ لأنها مريضة بالسرطان، وحركتها محدودة جدا، ولا تستطيع العيش بدون علاج، ومسكنات، ينحصر وجودها في أماكن محددة في البلد كله، وبالتالي لو أخذناها ستموت خلال أيام؛ نظرا لصعوبة توفير العلاج الخاص بمرضها، ففضلنا أن تبقى وسط أهلها، يتم علاجها، وتخفي إسلامها بداخلها.
هذه الفتاة يتيمة، تربت مع عمها وزوجته، وابنه، الذي يكبرها بثلاث سنوات، ولكنه إنسان مفسد في الأرض، هو وأصدقاؤه من عبدة الشياطين.
قام باغتصابها منذ عام اغتصابا وحشيا، وأفقدها عذريتها، وقام بتصويرها بأوضاع مخلة بالآداب؛ حتى يقوم بإذلالها.
وعندما لجأت للكنيسة، حماه أبوه؛ لأن له علاقات واسعة جدا، وكرر هذا الإنسان القذر فعلته مرات ومرات، بل وقام بإحضار المجرمين أمثاله، والكلاب لعمل حفلة اغتصاب جماعي للفتاة. وعذرا للتفاصيل التي سوف أقولها: فقد قام بأبشع ما يمكن أن يقوم به أحد، قام بتعذيبها بالكهرباء في أماكن عفتها، وقام باستخدام آلات حادة، شوهت جسدها وأعضاءها، وكان يتلذذ بأذيتها لدرجة أنه وضع بداخلها عبوات من الشطة، وسبب لها مشاكل نفسية، وصحية أدت بحالتها إلى ميول انتحارية، وتهيؤات، وصراخ مستمر ليل نهار، وانهيارا عصبيا، وحاولت قتل نفسها عدة مرات، وكانت تعجز أحيانا نظرا لأن ما لحق بها سبب لها عجزا في يديها كاد يؤدي إلى بترها، ولكن الله كريم بدأت يدها في الاستجابة للعلاج بعد عدة أشهر.
كان يقيدها، ويعلقها مثل الشاة، ويحقنها بحقن من المخدرات حتى تدمنها، وتكون مدمنة مثله يستطيع استعبادها بالمخدرات.
قامت الفتاة بمساعدة أحد الأشخاص سرا بعمل محضر في الشرطة، وبالفعل فعلت، ولكن علاقات والده القوية أخرجته بسهولة، وقام بأذيتها أضعافا مضاعفة عما حدث، وتوعدها بأكثر ولا أستطيع أن أحكي تفاصيل أخرى،
حياتها معهم، ولا مكان لها آخر تلجأ له، ولا يريدون أن يتركوها.
فالوضع الحالي هي عند أحد الأفراد يحاول حمايتها من عمها وابنه، وهما يسعيان جاهدين أن يقوما باستجلابها بأي طريقة سواء بالخطف، كما خطفوها من قبل واغتصبوها، أو الادعاء، أو التزوير وكل هذا فعلوه بها.
وهي الآن في حالة من الهلع المستمر، خوفا من أن تستيقظ وتجد من يغتصبها، ولا يستطيع أحد حمايتها؛ لأنها يتيمة. وخلال عام وهي تحاول بكل الطرق أن تلجأ لمن يحميها، أو يبعدها عنه، ولكن لا يستطيع أحد مساعدتها، ويكرر هذا الحقير فعلته مرات ومرات.
السؤال هنا: إذا قام أحد الأشخاص بقتل هذا الفاجر وأبيه الذي يعينه.
هل هذا جائز أم ما الحل؟
عذرا سؤال آخر: هل إذا قامت الفتاة بقتل نفسها أثناء اغتصابها يكون جائزا أم تكون آثمة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما هو مذكور بالسؤال إن كان واقعا فعلا، فهو أمر خطير، وجناية عظيمة، وتعذيب لامرأة مسلمة مستضعفة من غير ذنب جنته، والله عز وجل يقول: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}. ونصرتها ودفع الأذى عنها واجب حسب الاستطاعة، روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقال رجل: يا رسول الله؛ أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه، أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره. ويمكن الاستعانة بالمنظمات المدنية في هذا البلد لمحاولة إنقاذها، واستغلال ما يمكن أن يعين على ذلك من قوانين في هذا البلد.

ولا يجوز لأحد الإقدام على قتل هؤلاء؛ فإن هذا مدعاة للفوضى وسفك الدماء؛ ولأجل هذا جعل الشرع أمر إقامة الحدود من شأن الحاكم، أو من ينوب عنه.

هذا مع الاهتمام بالدعاء لها أن ييسر الله تعالى أمرها، ويفرج كربها، فهو مجيب دعوة المضطر وكاشف الضر، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.
وأما مسألة الانتحار فراجع الفتوى رقم: 19001 ورقم: 22619

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني