الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من القول الفاحش وذكر ما يحصل بين الزوجين

السؤال

هل يجوز للنساء التحدت عن الكلام الفاحش فيما بينهم، أو أن تقول امرأة لصديقتها إذا كنت تريدين إمتاع زوجك فافعلي كذا وكذا... إلخ؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن شأن المؤمن والمؤمنة عفة اللسان وصونه عن الفحش والتفحش، وقد وردت نصوص الشرع دالة على هذا المعنى، قال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة:83}، وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. ويستوي في هذا الأمر كلام الرجال فيما بينهم، أو النساء فيما بينهن، أو كلام الرجال مع النساء أو العكس.

وقد جاء الدليل بتحريم تلفظ اللسان بالقول الفاحش، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب... الحديث. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والمراد بالرفث هنا... الكلام الفاحش، وهو يطلق على هذا وعلى الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء أو مطلقا، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها... قال القرطبي: لا يفهم من هذا أن غير الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم). اهـ.

ويدخل في هذا منع ما ذكر من قول المرأة لمثيلتها: (إذا كنت تريدين إمتاع زوجك افعلي كذا وكذا) إذا تضمن الحديث عن الجماع والعورات وما اتصل بذلك.

ثم إن هذا قد يجر إحداهن إلى الحديث عما يحصل لها مع زوجها، وهذا منكر عظيم، وقد روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها.

وروى أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم ثم قال: مجالسكم مجالسكم، ثم حمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال "أما بعد ثم أقبل على الرجال فقال: هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله، قالوا: نعم قال: ثم يجلس بعد ذلك فيقول: فعلت كذا فعلت كذا، قال: فسكتوا، قال: فأقبل على النساء فقال: هل منكن من تحدث؟ فسكتن، فجثت فتاة -قال: مؤمل في حديثه- فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها: فقالت: يا رسول الله؛ إنهم ليتحدثون وإنهن ليتحدثنه، فقال: "هل تدرون ما مثل ذلك؟" فقال "إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانا في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظرون إليه".

فعلى المؤمن والمؤمنة لزوم الحياء، فالحياء خير كله، وليحذر أخلاق السفهاء، فإنها داعية إلى قول القبائح وفعل النقائص، روى البخاري عن أبي مسعود البدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحي فافعل ما شئت. فقد حمل الحديث في أحد معانيه على التحذير والتهديد، قال المناوي في فيض القدير: (فاصنع ما شئت) أمر بمعنى الخبر أي إذا لم تخش من العار عملت ما شئت لم يردعك عن مواقعة المحرمات رادع، وسيكافئك الله على فعلك ويجازيك على عدم مبالاتك بما حرمه عليك، وهذا توبيخ شديد... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني