الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من الغيبة الكلام عن الآخرين إذا فهم السامع المراد؟

السؤال

زوجة عمي -عليها من الله ما تستحقه- شمّاتة، فضّاحة، وتغار، وتحقد عليّ، وسبق لها أن خاضت في سمعتي، كما شمتت بمرض أمي، وعايرتها بأنها كانت تطبخ لنا، مع أنها كانت تأخذ نقودًا على ذلك، وتأكل هي وأولادها معنا، فأخلاقها كما ذكرت وأكثر.
الموضوع: أنني أعيش في مسكن عائلة به أعمامي، وزوجاتهم، ولي زوجة عم أخرى -غير التي ذكرتها-، ولكن مثل أخلاقها، فزوجة عمي الأخرى هذه نالت مني في شيء، وأوقعتني في مكيدة، وافترت عليّ، وظلمتني، وعندما علمت زوجة عمي الأولى بما فعلته الثانية بي، سارعت بإظهار شماتتها بي، وبأمي، وكما تعلمون أن كيد النساء يكون بخبث شديد، وبدون أخطاء ملموسة، لكن يصيب النفس بأذى شديد، وأيضًا تعلمون ما تتركه شماتة الأعداء من أثر في النفس، فحزنت كثيرًا، وكانت هذه أول مرة في حياتي أشعر بقسوة شماتة الأعداء على النفس، فأنا -والحمد لله- لم أتحل بمثل هذه الأخلاق أبدًا، ولم أتربَ عليها، فعندما أحسست بمرارة من كثرة شماتتها، وحقدها علينا، وقفت أمام شقتها وهي بالداخل، ولم تخرج، ولكنها سمعتني، وقلت الآتي: إن الشماتة ليست من أخلاقي، وعمري ما أشمت في أحد، وإلا كنت شمت فيها لما زوجة عمي -وهي زوجة عمي الأخرى التي أوقعت بي في المكيدة- عملت في بنتها كذا، وذكرت موقفًا، و كنت أقصد أن أعلمها أن الشماتة ليست خلقًا سليمًا، بل هي مفسدة كبيرة، وأنا لا أشمت بها مهما حاولت استفزازي، مع أني أعلم عنها ما يجعلني قادرة على ذلك، وكانت هذه نيتي، وهي استغلت الفرصة التي طالما انتظرتها سنين، وقالت لعمي -زوجها-، وأوقعت بيننا، وأريد أن أعرف هل عليّ وزر فيما قلته؟ مع الأخذ بالاعتبار أني لم أذكر اسمها، أو اسم بنتها، وكان كلامي بصيغة الغائب، أي غير موجه لها، وهي داخل شقتها، وكانت نيتي أنني قادرة على الشماتة بها في موقف كذا، ولكن لن أفعل. أليست النميمة هي أن تنقل الحديث من قوم إلى قوم على وجه السعاية، والإفساد؟ وهذه لم تكن نيتي -والحمد لله-، فما رأيكم؟ ولكم جزيل الشكر، والجزاء الطيب على المجهود الكبير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يصلح بينكم، وأن يهدي زوجات عمك، وأن يديم بينكن المعروف، وألا يصل الأمر إلى قطيعة الرحم.

وما فعلتِه هو غيبة لامرأة عمّك التي ذكرت أنها فعلت مع ابنتها كذا، ما دام أن السامع يعلم المراد بالكلام، فحتى لو اشترطنا في النميمة قصد الإفساد، فلن يسلم الكلام من الغيبة؛ قال ابن حجر في الفرق بينهما: والراجح التغاير، وأن بينهما عمومًا وخصوصًا وجهيًّا، وذلك لأن النميمة نقل حال الشخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه، سواء كان بعلمه أم بغير علمه. والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه. فامتازت النميمة بقصد الإفساد، ولا يشترط ذلك في الغيبة، وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه، واشتركتا فيما عدا ذلك، ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبًا. والله أعلم. انتهى.

فما فعلتِه غيبة، ولكن من أهل العلم من استثنى بعض الحالات التي تجوز فيها الغيبة، ومنها: ذكر الظالم من ظلمه على وجه القصاص من غير عدوان، وترك ذلك أفضل، كما هو مبين في الفتويين: 79100، 79717.

وعليه؛ فإن كانت ظلمتك، ولم يقع منك مجاوزة للحد في التحدث عنها حال غيبتها، فلا حرج عليك -إن شاء الله- فيما فعلت، وراجعي في التوبة من الغيبة الفتوى رقم: 171183.

وإن كان في الكلام إساءة لبنت عمتك التي لم تظلمك، فهذا خطأ آخر، وهو غيبة إن كان في عدم حضورها، وعدوان وسبّ إن كانت حاضرة.

ونوصيك بالإحسان إليهم؛ عساه يذهب بعض ما في صدورهم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 309847.

وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات من موقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني