الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وصايا استدراكية لمن خيف عليه الوقوع في الفاحشة

السؤال

منذ فترة لا بأس بها بدأت أخلاق أخي تتغير بشكل غريب جداً بحيث أصبح لا يعود إلى البيت إلا بعد الواحدة ليلاً وبدأت أخلاقه بالتدهور بشكل أصبح يصرخ على أمي وأبي، ووصل به الحال إلى أنه يدعو على أمي بالموت وعلى أبي، وحاول ضرب أبي ... بعد ذلك ككل أم وأب سامحاه على ما بدر منه، لكنه ما زال ذا لسان وقح... ومنذ فترة رأيته خلسة ينظر والعياذ بالله إلى أفلام إباحية خاصة بالمثليين، فقلت نزوة ولا بد أنه غير قاصد، ومنذ يومين طلب مني أن أبحث عن رقم كان قد أرسل له رسائل على الواتساب ولم يعرف من هو، فبحثت له ووجدت أنه رقم شخص شكله يوحي بأنه من المثليين واسمه كذلك، فقال لي إنه بالتأكيد مخطئ واستغفر ربه من المنظر، ومنذ ذلك اليوم لا يترك تليفونه الخلوي أبدا، واليوم أخذت التليفون خلسة وفتحت الواتساب عنده فوجدته قد سجل اسم ذلك الشخص ويتكلم معه في أحاديث يغلب عليها الطابع الجنسي.... أنا خائف من أنه وصل إلى مجامعة هذه الأشكال، فما الحل؟ أجد فيه كل التناقضات، لأنه لا يقطع فرضا ويأخد دروسا من الدين ودورات في علم الفقه والأحاديث.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرت عن أخيك من تصرفات ـ إن ثبتت عنه ـ فإنها تدل على تفريط عظيم في حق الله عز وجل بمشاهدة الأفلام الإباحية، هذا بالإضافة إلى عقوقه لوالديه بإساءته لهما وقسوته ودعائه عليهما، وهذا مما يبين أنه على خطر عظيم إن لم تتداركه رحمة ربه ويوفقه إلى توبة نصوح قبل الموت، وراجع الفتويين رقم: 76130، ورقم: 25001.

والرسائل التي اطلعت عليها في هاتفه لا تدل على أنه يمارس شيئا من اللواط، والأصل سلامته من ذلك حتى يدل الأمر على خلافه، ولكن مجرد وجود عبارات فيها شذوذ وانحراف، فإنها تجعله في خطر ويمكن أن تقوده إلى هذه الفاحشة ـ والعياذ بالله ـ ونوصيك بعدة أمور:

أولا: شكره والثناء عليه فيما يأتي من أمور طيبة من نحو ما ذكرت من طلبه العلم الشرعي، وذكره بأن العلم نور يبعث في قلب صاحبه الخشية من الله، كما قال سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {فاطر:28}.

ثانيا: بذل النصح له بالحسنى وإسماعه ـ ولو من طريق غير مباشر ـ لبعض المواعظ المسجلة، فلعل قلبه يلين ويصلح الله تعالى حاله، فالقلوب بيد الله عز وجل، قال تعالى: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:178}.

وروى الترمذي وابن ماجة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلت: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء.

ثالثا: الدعاء له، وخاصة من قبل الوالدين، فدعوتهما لولدهما مستجابة، روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده.

نسأل الله عز وجل أن يهديه صراطه المستقيم وأن يلهمه رشده ويقيه شر نفسه وسيئ عمله، وننبهك إلى التوبة مما وقع منك من تجسسك عليه، فالتجسس محرم، كما بينا في الفتوى رقم: 77776.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني