الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز مقابلة الإساءة القولية بالفعل؟

السؤال

شكرًا لكم على هذا الموقع الذي يخدم الأمة. كنت أعمل عند شخص لغته تختلف عن لغتي، وكان كثير الإساءة بالكلام لي، متوقعًا أنني لا أفقه اللغة التي يتكلم بها، فقمت بتخريب شيء من عمله؛ كي يسمع شيئًا من الكلام الذي كان يسمعنيه من مدير العمل المشرف على هذا الشخص، ولا أدري هل حصل هذا بالفعل أم لا؟ لكنني فعلت هذا الشيء بقصد الرد على الإساءة بإساءة مثلها، فهل فعلي هذا يدخل ضمن باب المعاملة بالمثل؟ أم إنني ظلمت هذا الشخص، ويجب عليّ أن أرد هذه المظلمة له؟ وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم ترد على الإساءة بمثلها، بل اعتديت على ما ليس لك بحق، وهذا ظلم، وجور، وعليك ضمان ما أتلفته، ما لم يسامحك مالكه، ويبرئك من حقه، قال تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ {الشورى:42}.

فهؤلاء عليهم السبيل للعقوبة، والاقتصاص؛ إذ لم يردوا الإساءة بمثلها، بل بغوا، واعتدوا، قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194}.

هذا هو المقدار الجائز فقط، وتركه أولى؛ لقوله تعالى في شأن درجة المحسنين: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، وقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.

فالعفو يكون أجره أعظم، ومقامه أجل، وقد ثبت في صحيح مسلم، وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني