الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقابلة المسيء بالإحسان رفعة للنفس

السؤال

بداية أسأل الله أن يجزيكم عن هذا الموقع خير الجزاء.
وأود أن أسأل عن شيء بخصوص أني فتاة من تونس، كنت مخطوبة من شاب، يكون ابن أخت زوج خالتي، وافتعل العديد من المشاكل مع أهلي، وفي نهاية الأمر كان يطلب من أبي أن نتحمل نحن كل نفقات الزواج؛ لأنه في نظره فعل خيرا إذ قبل أن يتزوجني، وأنا حسب قوله غير جميلة، وسني كبير (32) والبنات كثيرات، وربما لن أتزوج أبدا. هذا كان كلامه.
وأنا شيخي الفاضل: فتاة على درجة لا أحسد عليها من السذاجة، فقد كان يسيء معاملتي كثيرا، وكنت أحسن معاملته، وكان يسبني ولا أرد ولا أشتكي لأهلي، وهذا هو طبعي عادة. كل هذا جعل مكره وكيده يزداد كثيرا، وافتعل المشكلات مع أهلي، وقرر أهلي فسخ الخطبة، فما كان منه إلا أن ظهر بوجه أقرب للشيطان، وخاض في عرضي بكلام باطل، وتكلم على لساني بكلام غير حقيقي، وقال لأبي إنني كنت دائمة الشكوى من أبي، وأقول إن أبي لا يحبني، ويبخل عن أن ينفق على زواجي، وهذا كلام غير حقيقي. وقد تسبب في غصة في قلب أبي نحوي، رغم أني أشعر أنه لم يصدقه، حسبي ربي. وأيضا حاول أن يؤذيني كثيرا، وقام بتهديدي بالاغتصاب. وبعد فترة اتصلت على أخته، وأخبرتها أن أخاها شاب طيب، وعلى خلق، ولم يخطئ في حقي يوما، لكن لا نصيب لنا معا. وطلبت منها أن تخبره أنني كنت أتمنى أن أتزوجه، لكن ربما لو الأمور أصبحت أفضل نعود معا، وكنت لا أقصد هذا، لكن فعلت ذلك كيلا أكون تسببت في أذى لمشاعره حين تركته، فمهما كان سيئا فهو في نهاية الأمر إنسان، وأيضا فعلت ذلك خوفا من بطشه لأتفادى غضبه، وأيضا لأن الانتقام، ومقابلة السيئة بالحسنة، أولى من الرد عليها بمثلها. وشعرت أن أخته تحدثني بشيء من التعالي، ووجدته يكتب إلي على برنامج الواتس اب، فرددت عليه بهذه الرسالة: (من يدري ربما تتحسن الأمور) فقام بنسخ رسالتي ونشرها على الملأ، وافتعل كلاما أني أطارده، وأحاول الرجوع إليه، وهو لا يريدني، وقد قمت بإغلاق جميع الوسائل التي يستطيع الاتصال علي من خلالها، وتقريبا انتهى أمر هذه القصة، لكن لا تزال خالتي توبخني إلى الآن على فعلي، فلقد قصصت عليها كل شيء، وهي تقول لي إنني أضعت كرامتي، وكرامة أهلي بهذا الفعل الساذج، وأنه من غير المعقول أن يتكلم أحد عن عرضي ويفسد بيني وبين أهلي، وأنا أتكلم عنه بأسلوب طيب، وأصلح بينه وبين أهله، ولا أدري يا شيخي ربما كلام الخالة أثر في كثيرا، وبدأت أشعر أنني فتاة بغير كرامة، ولا إمكانية أن أعيد الاتصال بأهله لأوضح لهم أفعاله السيئة في حقي، وأيضا أنا لا أريد ذلك، فقد تركت حقي لله وحده، وهو القادر على أن يرد لي مظلمتي من هذا الشاب، ولا يعنيني أن أوضح الأمور له، أو لأهله، أو لمن قرأ رسالتي إليه.
فما رأيكم يا شيخ فيما فعلت؟ وهل حقا تصرفي هو الصواب، أم إن عتاب الخالة في محله، وأني أضعت كرامتي، وكرامة أهلي؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت بمقابلة الإساءة بالإحسان، وليس ذلك إهداراً لكرامتك، بل هو رفعة لها، فإنّ العفو عن المسيء خلق كريم، يزيد صاحبه عزاً وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "..وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا.
كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني