الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تعارض بين البر بالأم والإحسان لأولاد أختك

السؤال

أنا سيدة متزوجة ولي أخت متزوجة ومن سنين اضطرت هذه الأخت أن تسافر وتركت أولادها مع أمي (جدة الأولاد) وفي رعايتي، إلا أن أمي منعتني أن أقوم بالطهي لهم أو بغسيل الملابس ورفضت هي أن تقوم بهذه الأعمال إلا أقل القليل _ رحمها الله _ وكانت ابنة أختي عمرها 12 سنه تقوم بهذه الأعمال بالإضافة إلى المذاكرة، ولقد كانت ضعيفة جدا وهزيلة، بل إن أمي كانت تطلب مني أن أطهو لها أشهى أنواع الطعام في بيتي لها فقط، ثم أذهب بها لها وتأكل وأولاد أختي ينظرون إليها وكانت تدعو ابنتي فقط لتأكل معها، ولقد طاوعتها أنا في كل هذه الأمور لأنها أمي _رحمها الله_ فهل أنا مخطئه في أن أطعتها؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فاعلمي أنه ليس من الأخلاق الإسلامية أن تأكل أمك -رحمها الله-أشهى أنواع الطعام وأحفادها أولاد أختك ينظرون إليها، وبهم من الهزال والحاجة إليه ما ذكرت، وليس من الأخلاق الإسلامية أن تعامل أمك هؤلاء الصغار بتلك القسوة والجفاء، فأنت -إذن- أمام واجبين اثنين ليسا متناقضين. الواجب الأول: البر بأمك، وهو آكدها لما ورد من الجزاء الوافر للبار والعقاب الشديد للعاق. روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم. وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه. والواجب الثاني: أداء الأمانة التي أودعتك أختك من رعاية أولادها، وليس من أداء تلك الأمانة أن تتركيهم يتعرضون لتلك القسوة ويحرمون كل ذلك الحرمان، فوجوب البر بأمك لا يتناقض مع وجوب الوفاء بأمانتك، فإذا أديت للأم جميع حقوقها عليك، فليس لها بعد ذلك أن تمنعك من الوفاء بواجباتك الأخرى. روى علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في المعصية، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه. وعسى الله أن يكفر عنك خطيئتك بسبب ما أنت فيه من انكسار قلب وعاطفة جياشة تجاه هؤلاء الصغار، ثم نوصيك بهؤلاء الصغار، والإحسان إليهم ولو كانت أمهم معهم، وذلك تداركا لما كان وقع منك عن تقصير. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني