الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا طالب علم وأهم شيء لطالب العلم الإخلاص في طلب العلم، والدعوة إلى الله ـ والحمد لله ـ لما أترك مقالًا، أو بحثًا، أو آية، أو حديثًا إلا وقرأته، وهناك وسواس يأتيني؛ ولهذا بحثت في موضوع الإخلاص في طلب العلم كثيرًا حتى كاد يتفطر قلبي، ويهلك عقلي من كثرة البحث، والآن بعد البحث الطويل ومعرفة أهمية الإخلاص في طلب العلم والتفقه في الدين لا أعلم ما هي نيتي؟ وهل هي خالصة لله عز وجل؟ أم هي للناس؟ كرهت الدعوة إلى الله، وكرهت دعوة الناس، فمالي ولهم، والوسواس لا يفارقني ليلًا ولا نهارًا، وقد مللت القراءة في الكتب، ومللت التفقه في الدين، ولم يعد لي نفس في هذا، والله المستعان، فهل كفرت عندما قلت كرهت الدعوة إلى الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فداء الوسوسة ظاهر بجلاء في شكوى السائل، فما ذكره ما هو إلا من حيل الشيطان وكيده، لصده عن الحق، وتثبيطه عن الخير، حتى بلغ به أن ملَّ القراءة، والتفقه في الدين، وحفظ مسائله بأدلتها، وتوقف عن دعوة الناس وتعليمهم الخير! وهذا لا يكون إلا من الشيطان الرجيم، وقد صدق السائل في قوله: والوسواس لا يفارقني ليلًا ولا نهارًا.

ولا مجال للتردد في كون ذلك من الشيطان، أو من الضمير الحي للمؤمن، فإن واعظ الله في قلب المؤمن يقوِّم عوجه إذا اعوج، ويرشده إلى الصواب إذا انحرف، ولكنه لا يوقف عن الخير، ولا يصد عن الحق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله، فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. رواه الترمذي، وحسنه، وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن.

فاستعذ بالله من الشيطان، واستعن بالله عليه، وامض في سبيل طلب العلم وحفظ أدلته، ودعوة الناس إليه، ولا تلتفت إلى غير ذلك، ومع ذلك لا تأل جهدًا في تحقيق الإخلاص، وتصفية عملك من شوائب الرياء، وغيره من آفات النفس، كالعجب، والكبر، والغرور، ومن ذلك ما تقوم به من إخفاء عملك الصالح بقدر طاقتك، فهذا من علامات الإخلاص ووسائله، وإذا شعرت بمثل هذه الوسوسة، فلا يصدنك ذلك عن الخير، ولكن عليك بهذا الدعاء النبوي المبارك فألح به على الله: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم.

وراجع في ذلك وفي بعض الأمور المعينة على الإخلاص، الفتويين رقم: 174725، ورقم: 134994.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني