الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتصرف من يشك زوجها في عفتها لاكتشاف زوال بكارتها قبل الدخول؟

السؤال

هل العلاقة السطحية تؤدي إلى فقدان غشاء البكارة، حيث واجهتني مشكلة كبيرة مع زوجي؟ أعلم أن غشاء البكارة لا يتمزق إلا بإدخال شيء صلب، فبعد عقد القران مع زوجي بدأ يطلب مني أن أجامعه، لكنني كنت دائما أرفض بحكم العادات، فبدأ يمارس معي علاقة سطحية فقط، ولما اقترب موعد الزفاف ذهبنا إلى الطبيبة للكشف عن سلامة البكارة، فقالت إنني فاقدة للغشاء وسألتنا هل كنا نمارس العلاقة السطحية، فلم يتقبل زوجي الأمر فشتمني كثيرا وقال لي اذهبي إلى الشخص الذي كنت معه، علما بأنني لم أعرف شابا قبله وكانت كلماته كالرصاص، والزفاف كان ظلمة لم أشعر بشيء، والآن أنا متزوجة منذ سنتين ومازلنا على هذا الحل، يشتمني بألفاظ سيئة ويشك في كثيرا، مع أنني لا أفعل أي شيء ولا يعجبه أي شيء، وأحس أنه لا يحب أمي، وهذا يزعجني كثيرا لأنه يظن أنها كانت تعلم بأنني ثيب ولم تقل له مع أنها كانت تحذرني دائما من ممارسة الجماع معه، وأنا من عائلة محافظة ـ والحمد لله ـ ولا أريد الطلاق لكي لا أحط من قيمة والدي، فأنا أحبهم كثيرا، وأنا في حيرة كبيرة، فماذا يجب أن أفعل؟ ففي بعض الأحيان أعذره لأنني لا أعلم ماذا حدث لي؟ فكيف به؟ لم أكن مع شاب قط، ولم أتعرض لأي اعتداء، والعلاقة مع زوجي كانت سطحية لا غير، فماذا حصل لي؟ ومن كثرة التفكير أكاد أجن أرجوكم ساعدوني، فأنا أريد إظهار براءتي، وقد سئمت الحياة.....

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك يشك فيك لمجرد عدم وجود البكارة، فإنه مخطئ بذلك، ومسيء إساءة بالغة، فزوال غشاء البكارة أسبابه متعددة ـ غير الوطء ـ كالحيض والوثبة وغيرهما، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة، إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس معنى ذلك أنني أفتح بابًا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.

ومثل هذا التفكير يفتح الباب للشيطان لتسوء العشرة، وتحصل النفرة، ويكون السباب والشتائم، وتفسد الحياة الزوجية، وهذا عكس مقصد الشرع من الزواج، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ـ قال ـ فيدنيه منه ويقول نعم أنت.

وقد ترجم عليه في صحيح مسلم: باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس ـ فينبغي التنبه لهذا والعمل بعكس مقصود الشيطان.

فاصبري على زوجك، وأكثري من الدعاء بأن يرزقه الله تعالى الرشد والصواب، فالله عز وجل قادر على أن يصلحه فالقلوب بيديه، كما روى عبد الله بن عمرو بن العاص يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء.

فأكثري له من الدعاء، وأحسني الظن بربك، واحرصي على مناصحته بأسلوب حسن، وذكريه بالله تعالى والوقوف بين يديه للحساب، وإن اقتضى الأمر تدخل العقلاء، ورجوت أن تكون في ذلك مصلحة فافعلي، ونوصيك بأن لا تجعلي للشيطان مدخلا على نفسك بمثل عبارة: سئمت الحياة، ونحوها، فقد تكون عواقبها وخيمة، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأكثري من ذكر الله لتهدأ نفسك، ويطمئن قلبك، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

واستعيني بالصبر، فعاقبته خير، وانظري الفتوى رقم: 18103، ففيها بيان فضل الصبر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني