الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة اليمين والانتقال من الإطعام إلى الصيام، ومن لم يجد ما يكفي الكفارة، أو لم يجد مساكين في بلده

السؤال

سؤالي مكون من جزأين.
الأول: عاهدت الله على ترك معصية، ثم عدت لها بعد سنتين، ومعاهدتي باللفظ أعاهدك يا ألله أن أترك كذا وكذا. وبعد عودتي، قرأت في موقعكم أنه مثل اليمين، وتجب علي الكفارة، فإذا لم أجد فصيام 3 أيام متتابعة.
أما بالنسبة للكفارة فأنا فتاة، ودائما أتمنى الصدقة قبل الكفارة، لكني لا أعرف مساكين، وليست لدي القدرة على الوصول لهم، ولدي إخوة، لكنهم دائما منشغلون عنا، وجميعهم في بلدان أخرى غير أخ واحد لكنه لا يسمع لي، ولا يقوم بعمل شيء لي، علما أن لدي سائقا، لكنني لا أعلم أين أتجه، وأين سأجد المساكين؟ وبالنسبة للمال، فأنا لا أعلم هل مالي يكفي لإطعام، أو كسوة 10 مساكين؟ وهل يصح أن أدفع من مال أبي وأمي، وقد علمت أن وصولي للمساكين يشق علي.
فهل يجب أن أجتهد أكثر مما أستطيع؟
ورمضان مقبل. فهل يصح أن أطهو شيئا وأضعه في إفطار صائم، علما أن به أكثر من 10 أشخاص، وما أطهو منه من مال أمي وأبي وليس مالي؟
أما الجزء الثاني: فبعد أن ظننت أن مالي لا يكفي، قررت أن أصوم، علما أنه قد بقيت 3 أيام عن رمضان فقط مؤكدة، والرابع مشكوك فيه، فصمت، ولكن أظن أن صيامي سيقطع بسبب العذر الشرعي (الحيض) فهل يفسد التتابع ويجب أن أعيدها، علما أنه بعد 3 أيام يبدأ رمضان مباشرة، ولا أجد وقتا إلا بعد العيد.
فهل أستأنفها أم أعيدها؟
وجزيتم خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك عدة مسائل, وستكون الإجابة في النقاط التالية:

1ـ من عاهد الله تعالى على ترك معصية, ثم فعلها, فعليه كفارة يمين, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 214003.

وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن عجز صام ثلاثة أيام، وشرط الإطعام أن يكون من أوسط طعام الناس؛ لقوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ {المائدة:89}.

2ـ لا يجزئ الانتقال إلى الصيام إلا بعد العجز عن إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, وضابط هذا العجز ذكره ابن قدامة في المغني بقوله: وجملة ذلك، أن كفارة اليمين تجمع تخييرا وترتيبا، فيتخير بين الخصال الثلاث، فإن لم يجدها انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، ويعتبر أن لا يجد فاضلا عن قوته وقوت عياله، يومه وليلته، قدرا يكفر به. وهذا قول إسحاق. ونحوه قال أبو عبيد، وابن المنذر. وقال الشافعي: من جاز له الأخذ من الزكاة لحاجته وفقره، أجزأه الصيام؛ لأنه فقير. انتهى.

3 ـ إذا كنت ستجدين ما يكفي للكفارة بعد فترة مثلا, ووجدت من يسلفك مقدار الكفارة, فلست بعاجزة, وبالتالي, فلا يجزئك الصيام في هذه الحالة. جاء في الشرح الصغير للدردير المالكي أثناء الحديث عن هذا الموضوع: ومن وجد مسلفا مع القدرة على الوفاء، فليس بعاجز. انتهى.

4ـ إذا كنت قادرة على كفارة اليمين, وتعذر عليك وجود مساكين في بلدك, فإنك ترسلين الكفارة إلى بلد آخر فيه مساكين.

قال محمد عليش في منح الجليل: ومن لم يجد مساكين ببلده، ينقل الطعام لبلد آخر، قاله ابن عمر. انتهى.
5ـ كيفية إطعام المساكين: إعطاء كل مسكين كيلو ونصف, وهذا هو الأحوط, أو إطعام كل مسكين طعاما مطبوخا بمقدار وجبة عشاء وغداء تكفيه, وراجعي في ذلك، الفتوى رقم: 107772

6ـ إذا كان إطعام المساكين من مال أبيك, أو أمك, فلا بد من رضاهما بذلك, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 59859.

7ـ في حال العجز عن الإطعام, والكسوة, يجزئك صيام ثلاثة أيام, ولا يجب تتابعها عند كثير من أهل العلم, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 108008

وعلى القول بوجوب التتابع, فإنه لا ينقطع بدخول شهررمضان, ولا بحصول الحيض, بل يجزئ تكميل ما بقي من صيام الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الفطر, وبعد انقطاع الحيض, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 165021, والفتوى رقم: 72398.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني