الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي عن أربع بنات وابنين وترك منزلًا وهب طابقين منه للابنين

السؤال

نحن عائلة مكونة من ستة إخوة -أربع إناث وذكرين- مات أبي وأمي ونريد أن نقتسم منزلًا بما يرضي الله، والمنزل يتكون من ثلاثة طوابق:
الطابق الأرضي - منزل العائلة الأصلي-، وهو مشيد على أرض مساحتها 500 متر مربع، والطابق الأول قام أخي ببنائه بماله الخاص إثر هبة أعطاها له والدي قبل مماته، وتزوج فيه، والطابق الثاني قمت ببنائه بمالي الخاص إثر هبة أعطاها لي والدي قبل مماته، وأنا مقيم فيه حاليًّا، فهل لي الحق شرعًا أن أرث جزءًا من منزل العائلة في الطابق الأرضي أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الأب أعطاك أنت, وأخاك هواء بيته لتبنيا عليه، فإن الدورين والهواء لكما، ولا يدخلان ضمن الميراث، وإذا لم يهب الأب هواء بيته لكما، وإنما أذن لكما فقط في البناء، فهذه عارية تنتهي بموت الأب, ويكون الدور الأول, والثاني ملكًا للورثة جميعًا, ولك أنت وأخوك قيمة البناء، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 325747.

وبخصوص منزل العائلة ـ الطابق الأرضي ـ فإنه ميراث مشترك بين جميع الورثة -ذكورًا وإناثًا- ويكون للذكر مثل حظ الأنثيين، لكن لا بد من التنبيه على أن تخصيص الأبناء الذكور بالهبة دون الإناث غير مشروع, فالعدل بين الأولاد في العطايا والهبات واجب على الراجح من كلام أهل العلم, وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 14254, ورقم: 111127.

وقد اختلف العلماء في كيفية تحقق هذا العدل، فذهب بعضهم إلى أن العدل لا يحصل إلا بالتسوية بين الجميع -ذكرانًا وإناثًا-, وهذا هو المرجح عندنا في الموقع، كما بيناه في الفتوى رقم: 112748.

إلا أن الأب إذا فضّل بعض أولاده ووهبهم شيئًا ومات، فإن الهبة تصير ملكًا للابن المفضّل في قول أكثر أهل العلم حتى عند الحنابلة القائلين بوجوب العدل بين الأولاد في العطية، قال ابن قدامة في المغني: إذَا فَاضَلَ بَيْنَ وَلَدِهِ فِي الْعَطَايَا، أَوْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِعَطِيَّةٍ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، ثَبَتَ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَزِمَ، وَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ، هَذَا الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمَيْمُونِيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ، وَصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَرْتَجِعُوا مَا وَهَبَهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَأَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيَّانِ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِسْحَاقَ. اهــ.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًّا وشائك للغاية، ومن ثم؛ فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة- تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني