الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصفرة بعد حصول الطهر بالجفوف

السؤال

هناك ما أعاني منه نهاية في كل حيضة، فأنا من النساء اللواتي لا تظهر لهن القصة البيضاء، ولكن أعاني مع العلامة الثانية وهي الجفاف، فأخشى أن أصلي وأنا لم أطهر بعدُ، وأخشى أن أنتظر أكثر، وتفوتني صلوات، وحالتي كآلاتي، مع رجائي بأن لا تحيلوني إلى فتاوى أخرى؛ لأني سألت كثيرا من المفتين، ولا تكون لديهم الإجابة الكافية لما أشعر به، وأعانيه: إن رأيت الجفاف فترة من الوقت، ثم إذا وضعت قطنة وأخرجتها يكون بها إفراز أصفر خفيف، وأحيانا لا يخرج، لكن يكون خفيفا جدا، حتى يكاد لا يخرج إلا اذا أدخلت القطنة مرتين أو أكثر، وهي بالأصل جافة، لكن كما قلت: عندما أدخل أكثر من مرتين، تخرج صفرة خفيفة جداً جداً، بالكاد تخرج، وتكون في ساعات متباعدة، يعني أحيانا أرى الجفاف ساعات، ثم أضع قطنة، فأجد صفرة خفيفة جدا، ثم يستمر معي الجفاف مع صفرة خفيفة.
فماذا أفعل: هل آخذ هذا الجفاف على أنه طهر، أم أنتظر أكثر حتى تختفي هذه الصفرة أيضا تماماً؟ ولكن علي سؤال أهل العلم -بإذن الله- لأن هذه المسألة تؤرقني نهاية كل حيض، وليس لحيضي مدة معينة، حتى أستمر عليها، فاليوم دخلت في اليوم السادس، وأنا أشعر بالجفاف منذ اليوم الخامس، لكن مع قليل من الصفرة، فهذا الذي لم أفهمه.
سؤالي هنا: هل أنتظر حتى تختفي تماما، ولا يكون لها وجود، حتى لو كانت الصفرة خفيفة جدا جدا، أو تنقطع الصفرة ساعة أو ساعتين، ثم تعود، أم أغتسل ما دمت قد رأيت الجفوف؟
وهل يجوز لي الانتظار؟ لأني ظللت أنتظر حتى السابعة صباحاً، أو منتصف الصباح؛ لأتأكد، وإذا تأكدت تماما اغتسلت. لكن بعدما أغتسل أصلي أي صلاة؟ هل المغرب والعشاء؛ لأنني لم أصليهما عند ما رأيت الجفاف؟ أم الفجر؛ لأني لم أصليها، وتركت وقتاً حتى أتأكد به؟ أم كل ما ذكرت لك من الصلوات؛ حتى أبرئ ذمتي، وفي الحقيقة هذا أكثر ما يحيرني أيضا؛ لأني أحيانا أنام ليوم كامل، ظنا مني أني لم أتطهر بعدُ، وعندما أقوم من النوم أرى جفافاً في نفس القطنة، فلما أدخل منديلاً يخرج وبه صفرة، أو كدرة، وأكون لا أعرف هل طهرت في مدة نومي، وهذه الصفرة بعد الطهر، أم إنني ما زلت حائضا، لكن الكدرة أو الصفرة تكون في الفرج، ولا تخرج إلا عندما أضع منديلا لأتحسسها.
والسؤال الأهم من هذا كله: بعدما أشك لمدة يوم كامل، ويأتيني الجفاف، ثم تعود الصفرة وإلخ هكذا.
ماذا عن الصلوات التي أقضيها بعد اغتسالي؟
وقد ذكرت هذا السؤال فوق في كلامي، فأنا في حيرة في كل حيضة أكون شاكة لمدة يوم كامل ما بين الجفاف، والصفرة والكدرة، وأضع المناديل حتى أرى أنها اختفت، وأحيانا تكون كدرة خفيفة جدا، فأغتسل، فكنت قديما أصلي صلوات يوم كامل؛ لأنني لا أدري متى طهرت حقاً؟ والآن بعد أن أحاول أن أتحسن، أصلي الصلاة التي كنت نائمة في وقتها، عندما أتاني الحيض. وأصلي المغرب والعشاء إن اغتسلت في الليل فقط. ولكن حيرتي تزداد، والآن بعدما قمت من النوم تقريبا في الساعة 10 في الليل، انتظرت حتى بعد الفجر؛ لأني كنت أرى صفرة خفيفة جدا، تتفاوت بين ساعات، فحيناً أراها، وحيناً لا أراها، فاخترت أن أنتظر، والآن الساعة التاسعة صباحاً، وإذا أردت أن أغتسل. فهل أصلي الآن العصر الذي كنت نائمة فيه عندما أتتني الدورة، وأصلي المغرب والعشاء الذي أجلته في الليل، حتى أتأكد، وأصلي أيضا الفجر؟
فإن كنت أريد التأكد: فهل سأصلي كل تلك الصلوات بعد كل حيضة! أم أكتفي فقط بالصلاة التي اغتسلت بعدها؟ حتى وإن لم أكن أعرف متى طهرت بالضبط، فمثلا أنا لا أعلم متى طهرت بالضبط؛ لأني كنت نائمة، ولكن اخترت أن أغتسل بعد الفجر، وإذا اغتسلت بعد الفجر باختياري. فهل أصلي فقط الفجر، وقضاء العصر، أم أصلي صلوات يوم كامل إبراء للذمة، أم العصر قضاء، والمغرب والعشاء والفجر؟
وأعتذر عن الإطالة، لكن هذه المسألة تحدث تقريبا في كل حيض.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأمر يسير جدا بحمد الله، فعليك إذا رأيت الطهر بالجفوف، أن تبادري بالغسل والصلاة، ثم فيما ترينه بعد ذلك من صفرة، خلاف بين العلماء، مبين في الفتوى رقم: 117502، ولك أن تقلدي في هذه المسألة من تثقين بقوله من العلماء، والذي نراه لك ألا تعدي هذه الصفرة حيضا، وانظري الفتوى رقم: 134502.

وعلى هذا، فإنك ستغتسلين بمجرد رؤية الطهر، وتصلين، ولا تلتفتي إلى ما ترينه بعد ذلك من صفرة أو كدرة، وإذا أخرت الصلاة عن وقت الطهر، لزمك أن تقضي ما أخرته من صلوات والحال هذه؛ إذ قد حكم بكونك قد طهرت من حيضك، وإذا شككت في وقت حصول الطهر، فالأصل عدم حصوله، ومن ثم فإنك تنسبينه إلى أقرب زمن يحتمل حصوله فيه، وانظري الفتوى رقم: 166109.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني