الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا العمل وكل شيء مقدر في علم الله؟

السؤال

أكاد أفقد عقلي وديني وإيماني مع حبي الشديد للإسلام ولله ولرسوله حتى أصبحت لا أفهم شيئا وبحثت في آلاف الفتاوى والمقالات فلم أجد إجابة لما يدور في رأسي... حتى وصل بي الأمر إلى اليأس الشديد حتى أقعدني حزني ويأسي عن العمل، فحاولت أن أقاوم ما أنا فيه بالقراءة عن القضاء والقدر والصبر على البلاء وانتظار الفرج وقرع أبواب السماء بالدعاء... وما لا يستوعبه عقلي هو أن كل شيء مقدر سلفا ويجب على المسلم الإيمان بالقضاء والقدر، فلماذا العمل؟ وماذا سيغيره العمل من أقدار وقد علم الله أصحاب الجنة وأصحاب النار والأحاديث في تلك المسألة كثيرة جدا كلها تدل على أن الأمر قد قضي وانتهى، ولم أجد في قول النبي صلى الله عليه وسلم ردا ولا جوابا حينما قال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له ـ و قوله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار فالشرح لم يزدني إلا تعجبا وحيرة، وفهمت من الرد أن العمل لا قيمة له وأن الإنسان مسير بالكامل لا خيار له، فكيف يغير ما سبق علمه عند الله وقدر؟ وما قيمة الدعاء واللجوء إلى الله؟ فكل تلك العبادات لن تغير الأقدار، وكل تلك الأمور جعلتني أفكر في أن الله كتبني من أهل النار وقدر علي الشقاء، حاولت أن أتجه إلى الإلحاد فلم أجد فيه ضالتي....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت لم تفهم جواب النبي صلى الله عليه وسلم على هذه المسألة وهو جواب محكم لا مزيد عليه، فنحن نقرب لك الأمر ونسألك، هل يمكنك ترك الطعام والشراب بزعم أنه لو قدر لك الشبع لشبعت؟ وهل لو اعتدى أحد عليك بضرب أو شتم أو غير ذلك كنت تحاسبه بفعله وترى أنه فعل ذلك بمشيئته واختياره، أم كنت تحتج له بالقدر وتتغاضى عن إساءته لك؟

الجواب واضح ومعلوم، وذلك أنه لا تنافي بين القدر السابق وبين الأخذ بالأسباب التي بها يقع القدر الذي قدره الله تعالى، ووظيفتنا هي الأخذ بتلك الأسباب لا الفكرة في القدر السابق الذي هو سر الله في خلقه، فكما أنك تأكل وتشرب ولا تتكل على القدر السابق، فكذلك عليك أن تعمل بطاعة الله وتدعو الله وتتقرب إليه، ولا تقل لو قدر لي كذا لكان، ولقد قال جعفر بن محمد الصادق كلمة حكيمة تضبط لك هذا الموضوع وتزيل عنك الشبهة والإشكال فيه، قال رحمه الله: أراد الله بنا أشياء، وأراد منا أشياء، فما أراده منا أبداه لنا، وما أراده بنا أخفاه عنا، فما اشتغالنا بما أراده بنا عما أراده منا؟.

فعليك أن تشتغل أيها الأخ الكريم بما أريد منك ولا تفكر فيما أريد بك، وسل الله الهداية والسداد، وننصحك بمراجعة كتاب القضاء والقدر للدكتور عمر الأشقر ـ رحمه الله ـ كما ننصحك بمراجعة فتاوانا في هذا الموضوع وهي لا تحصى كثرة عن طريق الدخول إلى العرض الموضوعي للفتاوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني