الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البديل المشروع في حال الاقتداء بإمام ينقر الصلاة

السؤال

في رمضان، إذا انتهينا من الإفطار، يذهب أبي وإخوتي وأمي للصلاة في مصلى صغير في البيت. وأنا لا أصلي معهم؛ لأن أبي ينقر الصلاة، حتى سورة الحمد لا أستطيع قراءتها. وفي السجود لا أستطيع قول سبحان ربي الأعلى، إلا مرة. وننتهي من الصلاة وقد تعبت؛ لأنني أسرع بالقراءة قبل أن يركع أو يسجد. وننتهي من الصلاة ولا أشعر أنني صليت أبدا. وإذا صليت وحدي يغضب أبي، ويرد غضبه في أمي، ويزعجها بكلام سيء، وكأنها هي المسؤولة. وأحيانا أصلي مع أبي فقط لإرضاء أمي. وإذا انتهى أبي من الصلاة وخرج من المصلى قمت وصليت المغرب من جديد.
فما حكم عدم صلاتي مع أبي؟ وهل يجوز لي أن أعيد الصلاة بعد أن أصليها مع أبي؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان أبوك يأتي بالحد الواجب للطمأنينة -وهو مقدار الإتيان بالذكر الواجب في الركن- وإنما يترك المستحب منها -وهو الزائد على الوجوب- فإن صلاتك خلفه صحيحة، ولا يشرع لك أن تعيدي الصلاة في هذه الحالة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن إعادة الصلاة في يوم مرتين. أخرجه النسائي من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما. وانظري الفتوى رقم: 168389.
ولبيان الحد الواجب للطمأنينة، وما يلزم من صلى غير مطمئن، انظري الفتوى رقم: 184233، والفتوى رقم: 93192.
وأما عدم قراءتك للفاتحة خلفه، فإن قراءة المأموم لها اختلف فيها أهل العلم، وعلى القول بعدم وجوبها؛ فإن صلاتك صحيحة، ولا إعادة عليك، ويمكنك الأخذ بهذا القول، وانظري الفتوى رقم: 73922.
أما إذا كان أبوك لا يأتي بالحد الواجب من الطمأنينة، فإن صلاته باطلة، وكذلك صلاة جميع من صلى خلفه، وفي هذه الحالة، يجب عليكم جميعا إعادتها.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب: إذا كان الإمام يسرع الإسراع الذي لا يتمكن به المأموم من فعل الواجب من الطمأنينة، أو غيرها؛ فإن الواجب على المأموم حينئذٍ أن ينفرد عنه ويصلي وحده؛ لأنه بين أمرين: إما أن يترك واجب المتابعة، وإما أن يترك واجب الصلاة، فلا يمكنه الجمع بينهما، وأيضاً الإمام في هذه الحال لا يصلح أن يكون إماماً؛ لأنه يجب على الإمام أن يراعي حال المأمومين، ويحرم عليه أن يسرع سرعة تمنعهم فعل ما يجب. اهـ.
والحاصل: أنه إذا كان أبوك يأتي بالحد الواجب للطمأنينة، لكنه يترك المستحب منها، فلا يشرع لك ترك الصلاة معه، أما إذا كان لا يأتي بالحد الواجب منها؛ فإن الصلاة معه باطلة، وعليك أن تنفردي عنه.

ويمكن -تفاديا للشحناء والبغضاء بينكم- أن تصلي خلفه صلاة المحاذاة، لا بنية الاقتداء به، لكن مع متابعته في أفعال الصلاة، كأنك مقتدية به في الظاهر، فهذه الصورة نص على جوازها بعض الفقهاء.

قال عبد الباقي في شرحه لمختصر خليل المالكي، في معرض كلامه على حالات الاقتداء: منها: أن يتابعه في أفعاله، ولا يتحمل الإمام عنه شيئًا من السهو، ويأتي في صلاته بما تتوقف صحتها عليه، فهو إنما يتابعه صورة لا حقيقة، وهذه لا يشترط فيها نية الاقتداء، وصلاته صحيحة بدونها. وإنما يلجأ لهذه الحالة غالبًا من يعلم من حال الإمام ما يقدح في صحة صلاته، ويخشى ضررًا لو صلى منفردًا عنه. انتهى منه بتصرف قليل.

وراجعي الفتوى رقم: 70439، وهي بعنوان: صلاة المأموم وراء الإمام، دون نية الاقتداء.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني