الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة العجز عن الوفاء بالنذر

السؤال

نذرت لله تعالى أن أصوم ٣ أيام، وأختم القرآن في هذه الأيام الثلاثة، وأذبح خروفا لوجه الله تعالى، وأوزعه على الفقراء، والآن بسبب وظيفتي وعملي الشاق وحالتي المادية لا أستطيع أن أفي بالنذر، فماذا يجب علي من كفارة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن نذر طاعة لزمه الوفاء به، ولا تجزئ عنه الكفارة إلا في حالة العجز عن الوفاء عجزا لا يرجى زواله، وفي هذه الحالة تلزمه كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم.

ولما رواه أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين.

قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادرا عليها، فعجز عنها، فعليه كفارة يمين، لما روي عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين، قال: ومن نذر نذرا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين ـ رواه أبو داود، وقال: وقفه من رواه عن ابن عباس، وقال ابن عباس: من نذر نذرا لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا يطيقه، فليف الله بما نذر، فإذا كفر، وكان المنذور غير الصيام، لم يلزمه شيء آخر... إلى أن قال: وإن عجز لعارض يرجى زواله، من مرض، أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها، لأنه لم يفت الوقت، فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال، صار إلى الكفارة، إلى أن قال: وإن نذر غير الصيام، فعجز عنه، كالصلاة ونحوها، فليس عليه إلا الكفارة، لأن الشرع لم يجعل لذلك بدلا يصار إليه، فوجبت الكفارة، لمخالفته نذره فقط، وإن عجز عنه لعارض، فحكمه حكم الصيام سواء، فيما فصلناه. انتهى بتصرف.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: النذور المسماة إن كانت طاعة، فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدورة وجب الوفاء بها ـ سواء كانت متعلقة بالبدن، أو بالمال ـ وإن كانت معصية لم يجز الوفاء بها ولا ينعقد ولا يلزم فيها الكفارة، وإن كانت مباحة مقدورة، فالظاهر الانعقاد ولزوم الكفارة، لوقوع الأمر بها في أحاديث الباب في قصة الناذرة بالمشي، وإن كانت غير مقدورة ففيها الكفارة، لعموم: ومن نذر نذرا لم يطقه، هذا خلاصة ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني