الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي للزوج إسكان زوجته في سكن تتعرض فيه للخلوة والاختلاط المحرم

السؤال

أنا متزوج منذ خمس سنوات، وبعد شهر من الزواج ظهرت صور زوجتي في الإنترنت مع شاب، فحدثت مشاكل بيننا، وقد قالت: إنها كنت تحبه، ولكنه خدعها، وبعد فترة هربت من البيت إلى بيت أمها؛ لأن أمي اتهمتها بسرقة الذهب، وقد خبأتها أمها مدة أسبوعين، وبعد مشاكل وتنازلات أرجعتها إلى البيت؛ لأن لي منها بنتان، ورأى أخي الصغير في جوال أخي الثاني صورة لها مع أخي في الحمام يضمان بعضًا، وفي يوم من الأيام قمت الساعة 3 فجرًا، فلم أجدها في السرير، فذهبت إلى غرفة أخي فرأيت الباب مفتوحًا والغرفة مظلمة، فوجدتها في الداخل، فقلت لها: ماذا تفعلين؟ فقالت: كنت آخذ دواء، فهل أطلقها أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فينبغي أن تطلق هذه المرأة، ولا تمسكها، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ عند كلامه على أقسام الطلاق:... والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها -مثل الصلاة، ونحوها-، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة، قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها؛ وذلك لأن فيه نقصًا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه... ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب.

إلا إذا تابت توبة صحيحة، فلا حرج عليك في إمساكها، فإنّ التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن عليك أن تتقي الله فيها، وتقوم بما يجب عليك نحوها بمقتضى القوامة، وبدافع الغيرة المحمودة، فتسد عليها أبواب الفتن، وتجنبها مواطن الريبة، فلا تسكنها في مسكن تتعرض فيه للخلوة، والاختلاط، والنظر المحرم، قال الماوردي -رحمه الله-: وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الدَّارُ ذَاتَ بَيْتٍ وَاحِدٍ إِذَا اجْتَمَعَا فِيهِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ لَا تَقَعَ عَيْنُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، أَوْ نِسَاءٌ ثِقَاتٌ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُحْفَظُ عِنْدَ إِرْسَالِهَا.

واعلم أنّ التهاون والتفريط في تعامل المرأة مع أقارب زوجها الأجانب، قد حذّر الشرع منه تحذيرًا بليغًا، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ. متفق عليه.

الحمو: أخو الزوج، وما أشبهه من أقارب الزوج، قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلًا، كما تقول: الأسد الموت، أي: لقاؤه فيه الموت، والمعنى: احذروه كما تحذرون الموت.

وقال النووي -رحمه الله-: وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير نكير عليه، بخلاف الأجنبي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني