الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مِن نُصْح الطبيب لمريضه أن يستعمل الطريقة الأقل إزعاجًا والأحسن في الفحص

السؤال

في بعض كليات الطب، يكون التعليم غير متكامل، حيث يكون الطالب متأكدًا أن طريقة التدريس وما يقدم له غير كاف ليقوم بفحص المريض كما يجب، خصوصًا خلال فترة التدريب، وأثناء البحث يتضح وجود طرق تستعمل في كليات معروفة بمستواها العالي، تسمح للطالب أن يكون أكثر مهارة أثناء فحص المرضى في مرحلة التدريب؛ مما يعني فحصًا أدق وأقل إزعاجًا للمريض، فإن كان هذا الطالب قادرًا على تطبيق بعض هذه الطرق، أو على واحدة منها من أجل التدرب بشكل أفضل قبل التطبيق على المريض، فهل يجوز له تجاهلها؟ وهل عدم القيام بها قبل التطبيق على المريض يعتبر ظلمًا وتقصًا في حق المريض؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا نستطيع الجزم بكون ذلك ظلمًا يؤاخذ به صاحبه؛ لأن غير هذه الطرق، وإن كان أدق وأقل إزعاجًا للمريض، إلا إنها هي الأخرى تؤدي الغرض على أية حال، وإلا لما قرروا تدريسها في بعض الكليات.

وعلى أية حال؛ فالنصح لكل مسلم مطلوب، وجوبًا أو استحبابًا، وهو من معالم هذا الدين الحنيف، ففي صحيح مسلم عن تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم.

وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

قال الكرماني: النصيحة كلمة جامعة، معناها: حيازة الحظ للمنصوح له، وهو إرادة صلاح حاله، وتخليصه من الخلل، وتصفيته من الغش. اهـ.

وراجع في معنى النصيحة لعامة المسلمين الفتوى رقم: 131318.

ومِن نُصْح الطبيب لمريضه إن كان يحسن طريقة هي الأدق والأقل إزعاجًا له: أن يستعملها معه، ولا يكتفي بالأدنى إن كان يحسن الأعلى، وهذا يدور بين الوجوب والاستحباب، بحسب اختلاف الأحوال، وقدر الضرر، وهذا يستفاد مما ذكره الشراح في معنى الحديث المتفق عليه: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه.

قال ابن حجر في فتح الباري: قوله: ولا يسلمه ـ أي: لا يتركه مع من يؤذيه، ولا فيما يؤذيه، بل ينصره، ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم، وقد يكون ذلك واجبًا، وقد يكون مندوبًا بحسب اختلاف الأحوال، وزاد الطبراني من طريق أخرى عن سالم: ولا يسلمه في مصيبة نزلت به. اهـ.

وقال العيني في عمدة القاري: قال ابن التين: لا يظلمه فرض، ولا يسلمه مستحب، وظاهر كلام الداودي أنه كظلمه، قال: وفيه تفصيل الوجوب إذا فجأه عدو، وشبه ذلك، والاستحباب فيما كان من إعانة في شيء من الدنيا... قلت: الوجوب والاستحباب بحسب اختلاف الأحوال. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني