الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوكل على الله في فعل المعصية.. رؤية شرعية

السؤال

إذا أراد الإنسان فعل ذنب مثل التدخين، أو فعل ذنب كبير ـ والعياذ بالله ـ مثل الزنى، فهل يتوكل على الله في فعل هذا الذنب؟ وكيف يمكن للمسلم أن يتوكل على الله في معصيته؟ وإذا لم يتوكل على الله أثناء المعصية فقد وقع في الشرك، فما الحل؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن وسوست له نفسه الإقدام على معصية, فليجاهد نفسه على تركها, وليتذكر حرمتها, والعقوبة المترتبة على ارتكابها في الدنيا والآخرة, وراجع المزيد في الفتوى رقم: 155835.

ثم إن من توكل على الله تعالى في فعل معصية فحصل له ما أراد، فإن ذلك يعود عليه بالضرر, وقد تكلم عن هذه المسألة ابن القيّم في مدارج السالكين حيث بدأ بتعريف التوكل, ثم ذكر منازله، حيث يقول: فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة، ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها، ولا تزال معمورة بالنازلين، لسعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين، وعموم التوكل، ووقوعه من المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار، والطير والوحش والبهائم، فأهل السماوات والأرض ـ المكلفون وغيرهم ـ في مقام التوكل وإن تباين متعلق توكلهم، فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه، وفي محابه وتنفيذ أوامره، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في استقامته في نفسه، وحفظ حاله مع الله، فارغا عن الناس، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في معلوم يناله منه، من رزق أو عافية، أو نصر على عدو، أو زوجة أو ولد، ونحو ذلك، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في حصول الإثم والفواحش، فإن أصحاب هذه المطالب لا ينالونها غالبا إلا باستعانتهم بالله، وتوكلهم عليه، بل قد يكون توكلهم أقوى من توكل كثير من أصحاب الطاعات، ولهذا يلقون أنفسهم في المتالف والمهالك، معتمدين على الله أن يسلمهم، ويظفرهم بمطالبهم، ومن صدق توكله على الله في حصول شيء ناله، فإن كان محبوبا له مرضيا كانت له فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطا مبغوضا كان ما حصل له بتوكله مضرة عليه، وإن كان مباحا حصلت له مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه، إن لم يستعن به على طاعاته. انتهى.

ولمزيد الفائدة عما يتعلق بالتوكل راجع الفتويين رقم: 316618, ورقم: 146499.

وإذا كان التوكل على الله تعالى في فعل المعصية يعود على المرء بالضرر، فكيف بمن توكل على غيره؟ والحال أن التوكل على غير الله تعالى يتنافى مع الإيمان ويقود إلى الشرك بالله تعالى، قال الشيخ سليمان آل الشيخ تعليقا على قوله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {المائدة:23} وفي الآية دليل على أن التوكل على الله عبادة، وعلى أنه فرض، وإذا كان كذلك فصرفه لغير الله شرك. انتهى.

والحاصل أن العبد عليه أن ينتهي عن المعصية ويتوكل على الله تعالى ويطلب منه العون في النجاة منها وعدم الوقوع في حبائلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني