الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الأم سفر زوجة ابنها للإقامة معه

السؤال

كنت أعيش مع زوجي في إحدى الدول الخليجية، لكني سافرت أنا وأطفالي إلى مصر بسبب تخبط الأوضاع، وعندما عاد زوجي إلى عمله بعد إجازته، وجد الأوضاع تحسنت بالقدر الذي يسمح لنا بالمعيشة معه مرة أخرى، ولكن دون توفير مبلغ كبير من المال، ولكن والدة زوجي ترفض سفري بشدة، وتقول لي: لو سافرت سآكل أنا وابنتي التراب، على الرغم أن عندها من الخير الكثير، وعندها ميراث يقدر بملايين، وعلمًا أن زوجي أيضًا ميسور الحال، ولديه منزل كبير، وميراث -والحمد لله-، أليس ذلك ظلمًا لي ولأطفالي أن أبتعد عن زوجي؛ بحجة أنه يوفر المال لأمه، وهي عندها الكثير، وهو ابن بارّ بأمه، وكلما طلبت منه شيئًا -سواء لها أم لأخواتها- يلبي فورًا، لكني أشعر بظلم شديد، واكتئاب؛ لأني لم أعتد العيش بعيدًا عن زوجي، وهو يقول لي أيضًا: إنه مهموم وحزين جدًّا، لكن سرعان ما يرجع ويقول: وأنا مسؤول عن والدتي، وأختي، فما الحل؟ فأنا فعلًا في حالة حزن شديد، أبكي يوميًّا، وأنا أيضًا حامل؛ وذلك يؤثر على الجنين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل المولى تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، ويفرج كربك، ويجمع بينك وبين زوجك، ونوصيك بالصبر، وكثرة ذكر الله تعالى، فهو من خير ما يتلى به، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، واحرصي على كثرة الدعاء، فمن علّق رجاءه بالله لا يخيب ظنه، فهو واسع العطاء، ويجيب الدعاء، كما قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

ولا شك في أن اجتماع الزوجين معًا بحيث تقيم معه حيث يقيم، فيه خير كثير للأسرة بكاملها، فيعفّ كل من الزوجين الآخر، ويشعر الأولاد بالأمان، والاستقرار، فيترتب على ذلك النشأة السوية، والتربية الصحيحة للأولاد، فتقرّ بهم أعين الوالدين، وهذه من أعظم النعمة؛ ولذلك يسألها الصالحون ربهم، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}.

وإذا كان لزوجتك الرغبة في استقدامكم للإقامة معه، فله ذلك، وليس من حق أمه معارضته لغير مسوغ شرعي، فلطاعة الوالدين ضوابط شرعية، سبق بيانها في الفتوى رقم: 76303.

وإذا كنت أمه وأخته في حاجة إليه، فليس له أن يؤدي إليهما حقهما في مقابل ظلمه لزوجته، وتعريضها للفتنة، فليعط كل ذي حق حقه، على الأقل بأن لا يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر، فذلك من حقها عليه، إلا إن رضيت غيابه أكثر من ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 22429.

فنوصيك بالتفاهم مع زوجك في ضوء ما ذكرنا، وحثه على محاولة إقناع أمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني