الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب الزوجة إذا تيقنت من وقوع الطلاق الثلاث

السؤال

لقد تزوجت من ثماني عشرة سنة، ولدي أربعة أبناء، بعد زواجنا بأشهر حصلت خلافات بيننا، فرفع زوجي قضية طلاق في المحكمة دون إخباري، وأنا معه في بيته إلى أن أخبرتني سيدة بما فعل زوجي، فغادرت إلى بيت أهلي، ثم جاء زوجي نادما على ما فعله، وطلب مني عدم الذهاب إلى المحكمة؛ لأنه سيلغي الدعوة، فصدقته ولم أذهب لأكتشف فيما بعد أنه خدعني، وأن الدعوة ما زالت مطروحة.
المهم: بعد بضع جلسات في المحكمة قرر القاضي منحي بعض المال، وحدوث الطلاق فور أن يدفع زوجي المبلغ. عندها جاءني زوجي راغبا ونادما على ما فعله، وأنه ما يزال يحبني، ولن يطلق أبدا.
بعد ثلاث سنوات من زواجنا حصلت مشادة خفيفة بيننا، فتلفظ زوجي بكلمة أنت مطلقة، قام باستشارة أحد الشيوخ، فأخبرنا أنها طلقة، ثم بعد خمس سنوات من زواجنا تلفظ في وجهي بكلمة أنت مطلقة، واستشار نفس الشيخ، فأفتاه أنها تعتبر طلقة. ثم بعد سبع عشرة سنة من زواجنا أخبرني أنه لن يأخذ بعض الأموال التي تخص أبناءنا، وأنه إن فعل فأنا محرمة عليه، وقد كرر هذا القول مرارا مرارا، وبالفعل لم يلتزم بقوله، وأخذ كل المال، ولم يترك منه شيئا أخبرته أن قوله يعتبر طلقة، فقال لا، وأكد لي هذا، فاقتنعت بقوله تحت الإكراه، وليس برغبة مني، ثم بعد ذلك بأشهر حدث بيننا نقاش طويل، تلفظ زوجي بكلمة أنا مطلقة مطلقة ربما عشرين مرة أو أكثر، والتقى بإحدى صديقاتي، وأخبرها أنني مطلقة مطلقة مرارا، والغريب في الأمر أنه في الغد قال لي إن الطلاق لا يقع؛ لأنه كان في حالة غضب شديد، ولم يرغب في استشارة أي شيخ، واكتفى بإيجاد فتوى طلاق الغضب الشديد على الإنترنت، وأنها لا تعتبر طلقة.
وأخيرا قبل أسبوع تقريبا خلال نقاش عقيم بيننا تلفظ بكلمة أني مطلقة تكرارا تكرارا، وأضاف أنه بكامل قواه العقلية، وأنه إن لمسني بعدها فكأنما يلمس امرأة في الشارع، ليأتيني في الغد، ويقول إنني كنت في فترة حيض، والطلاق لا يقع فترة الحيض.
أشك في أنه يريد أن يجننني، أو أن يجعلني أفقد عقلي وصوابي.
جزاكم الله خيرا، أفتوني ماذا يتوجب علي فعله؟ علما أنني قمت برفع دعوى طلاق، ولكن الطلاق هنا يستغرق وقتا طويلا، ولا أملك مكانا آخر أذهب إليه؛ لذلك فنحن ما زلنا نعيش في بيت واحد. وقد حدثث مشادات كثيرة بيننا، وقد تدخلت عائلتي وعائلته للصلح بيننا، ولكني مقتنعة تماما أنني أصبحت محرمة عليه، ولا أستطيع اعتباره زوجا أبدا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا في حكم قول زوجك: إن أخذ من أموال أولاده فأنت محرمة عليه، أنّ العبرة بقصده بالتحريم، فإن قصد به طلاقاً فهو طلاق، وإن قصد ظهاراً كان ظهاراً، وإن قصد يميناً أو لم يقصد شيئاً محدداً، فهو يمين كاليمين بالله، كما نفتي بأنّ الطلاق في الحيض نافذ رغم بدعيته، وأنّ الطلاق يقع من الزوج حال الغضب ما لم يَزُل عقله بالكلية، وانظري الفتوى رقم: 14259 والفتوى رقم: 5584 والفتوى رقم : 337432.
لكن في هذه المسائل خلاف بين أهل العلم، وما دام بينكما منازعة ومناكرة، فالصواب رفع الأمر للمحكمة الشرعية، وإذا كنت رفعت الأمر إلى المحكمة، ولكن الأمر قد يطول حتى تفصل المحكمة في القضية، فالذي ننصح به أن تعرضوا مسألتكم على من تمكنكم مشافته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم.
واعلمي أنّ الزوجة إذا تيقنت من وقوع الطلاق الثلاث، فلا يحل لها البقاء مع مطلقها، وعليها مفارقته ولو بالخلع، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها، وليس لها بينة، وزوجها ينكر ذلك. قال أبي: القول قول الزوج، إلا أن تكون لا تشك في طلاقه قد سمعته طلقها ثلاثا، فإنه لا يسعها المقام معه، وتهرب منه وتفتدي بمالها. اهـ
ولا يجوز لها أن تبقى في بيته على وجه تحصل فيه خلوة، لكن يجوز أن تبقى في جزء من البيت مستقل بمرافقه؛ بحيث لا تحصل خلوة أو اختلاط محرم بينها وبين مطلقها، قال الحجاوي –رحمه الله- : وتعتد بائن حيث شاءت من بلدها في مكان مأمون ولا تسافر ولا تبيت إلا في منزلها وجوبا، فلو كانت دار المطلق متسعة لهما وأمكنها السكنى في موضع منفرد كالحجرة وعلو الدار وبينها باب يغلق وسكن الزوج في الباقي جاز كما لو كانتا حجرتين متجاورتين. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (4/ 120).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني