الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عمل المسلمة مربية لأطفال الكفار

السؤال

متى يصير المال محرمًا إذا كان أصل المهنة مباحًا؟ فأنا أعمل مربية أطفال في دولة كفر، وعندما يكونون في الصف -أثناء فترة عملي- يشاهدون برامج فيها موسيقى، وكذلك يستمعون للموسيقى، وإذا قلت لهم: إن الموسيقى في ديننا حرام؛ إلا الدف للنساء في العيدين والأفراح على الصحيح، فقد يسبب لي مشاكل؛ إذ إنني في العمل أضطر أن أظل معهم أثناء سماعهم للموسيقى، وكذلك أثناء أكلهم الحرام من لحم خنزير، أو لحم حرام على غالب ظني، وكذلك عندما يرسمون ذوات الأرواح أضطر أن أظل معهم كي أحرسهم، بما أنني لا أساعدهم في هذه الأشياء غالبًا، لكن أغلب المرات أظل معهم كي أحرسهم حتى يأتي من يصطحبهم إلى المنزل، فهل يعد مالي عندما يقترفون تلك المحرمات حرامًا؟ فأنا مرغمة أن أظل معهم، ولم أغير المنكر. أريد شرحًا مفصلًا: متى يصير المال محرمًا. أرجو أن تجيبوني بسرعة؛ كي أعلم الحق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان عملك في تربية الأطفال مباحًا، وليس له صلة بالأمور المحرمة، ومنها: تقديم لحم الخنزير في الوجبات التي تقدم للأطفال، وكذلك الموسيقى التي قد تصاحب البرامج التي يتم تشغليها لتعليم الأطفال مثلًا، وإنما يتولى ذلك غيرك، فلا حرج عليك فيه، ولا يؤثر ما ذكرت فيما تكسبينه من عملك المباح في تربية أولئك الأطفال، وعند حضور منكر لا يسعك مغادرة المكان الذي فيه؛ لكون عملك يقتضي بقاءك، ومراقبتك للأطفال، فيلزمك إنكار ذلك المنكر، ولو بقلبك، أي: بعدم الرضا به، والاستئناس إليه، ففي الحديث: من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإن لم يستطع، فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.

هذا مع التنبيه على ما يلي للفائدة: أولًا: إن عمل المسلمة مربية لأطفال الكفار إذا اقتصر على ما هو مباح، وليس فيه امتهان للمسلم، لا حرج فيه، وأما لو اقتضى العمل ما فيه امتهان للمسلم، فيمنع منه، كما بينا في الفتوى رقم: 156231.

ثانيًا: أن الكفار قد اختلف في مخاطبتهم بفروع الشريعة، وعلى القول بأنهم مخاطبون بها، فالأطفال ليسوا بمكلفين قبل بلوغهم. وعليه؛ فيراعى ذلك، وانظري الفتوى رقم: 172857.

ثالثًا: ليس للمسلم أن يقدم الخنزير لمن يأكله، ولو كان كافرًا أو صبيًّا، وليس له أن يؤاجرَ نفسه على تشغيل الموسيقى، ونحو ذلك مما هو محرم في دينه.

رابعًا: أن الأليق بالمرأة والأحوط لها في دينها، هو القرار في البيت، كما أمرها الله، ومع ذلك؛ فإنها إذا احتاجت للعمل فلها أن تمارس منه ما يتلاءم وطبيعتها وأنوثتها، مع التزامها بالضوابط الشرعية في خروجها ولباسها وحديثها، ولا سيما إذا كانت تلتقي بالرجال الأجانب عنها في عملها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني