الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام الحوافز مع الراتب

السؤال

أعمل حاليًا سائقًا في إحدى الشَّركات ، ونظام العمل يرتبط بتطبيقٍ على الهاتف المحمول ، حيث يقوم التّطبيق بحساب قيمة وتكلفة المشوار الواحد تلقائيًّا بعد نهاية المشوار، ويكون لي نسبة محدّدة من قيمة كلّ مشوار، وللشّركة النّسبة المتبقيّة، وهناك أيضًا نظام حوافز ومكافآت من الشّركة بقيم ماليّة ثابتة، وليست نسبة معيّنة، فمثلًا يقولون إذا قمت بعمل 30 رحلة خلال الأسبوع فلك مبلغ كذا، وإذا قمت بعمل 45 رحلة فلك مبلغ كذا، وإذا قمت بعمل 60 رحلة خلال الشّهر الأول لك كسائق فلك مبلغ كذا، فهل في ذلك جمعٌ بين العمل بأجرة ثابتة ونسبة من الأرباح؟ أم أنّ مسألة الحوافز منفصلةٌ عن النّسبة الّتي أتحصّل عليها من الرّبح، والّتي ذكر عددٌ من العلماء كشيخ الإسلام جوازها؟ وأنا أعمل على سيارة والدي، واتّفقنا على تقسيم أيّ مبلغ أتحصّل عليه من هذه الوظيفة بنسبة النّصف لكلٍّ منَّا، والأمر بيننا فيه سعةٌ، فأحيانًا يحصل أبي على نسبة أكبر من النّصف والعكس صحيح.
وهناك أمرٌ آخر اقترحه أبي عَلَيّ ، وهو أن يكون لي مبلغ ثابت كلّ شهر نظير أن أقوم بتوصيل أختي وأمّي من المدرسة إلى البيت ، وأمّي أيضًا عرضت عَلَيّ أن تعطيني مبلغًا إضافيًّا زائدًا على ما يعطيه لي أبي نظير ذلك، لكنّها تطلب منِّي ألَّا أخبره بذلك ؛ خشية ألَّا يرضى بأن تعطيني هذا المبلغ، أو أن يغضب من فعلها، ولا أعلم ماذا أفعل، فأنا لا أريد أن أتسبّب بالمشاكل بينهما، وأريد أن أعلم هل يجوز لي أخذ ذلك المال من أمّي مع عدم علم أبي بذلك أم لا؟
وأيضًا أبي يعطيني مصروفًا شهريًّا ثابتًا، فيكون بذلك المبلغ الَّذي أتحصّل عليه شهريًّا هو النّسبة المتّفق عليها مع أبي من وظيفتي، ومصروفي الشَّهري الثّابت، وما يعطيه لي أبي وأمّي من مبلغ ثابت نظير توصيل أمّي وأختي، فهل في ذلك شيء؟ وهل أكون بذلك قد جمعت بين الأجرة الثّابتة والنٍّسبة من الأرباح والّتي قال الجمهور بعدم جوازها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على حرصك على الحلال، وتحريك له، وخشية من الوقوع في الحرام.

وأما ما سألت عنه فجوابه ان الشركة إذا كانت تعطيك راتبا ثابتا مع تلك الحوافز فينظر:

هل تلك الحوافز من صلب العقد، وهي جزء من الأجرة المتفق عليها فيه، فتدخل ضمن الأجرة بمبلغ ثابت ونسبة مما يأتي به العامل، وذلك لا يجوز إلا على رواية مرجوحة في مذهب الحنابلة، وفاقا لمذهب بعض التابعين كابن سيرين، والنخعي، والزهري. والجمهور على المنع لأن الأجرة هنا مجهولة، وجهالة الأجرة قادحة في صحة العقد. قال ابن قدامة: يشترط في عوض الإجارة كونه معلوما لا نعلم في ذلك خلافا؛ وذلك لأنه عوض في عقد معاوضة، فوجب أن يكون معلوما، كالثمن في البيع. اهـ

وأما لو كان العقد مع الشركة على راتب ثابت فحسب، وهي أرادت تحفيز الموظفين لمضاعفة الجهد ففرضت لهم تلك النسبة، أو كان الحافز على عمل زائد عن العمل المتفق عليه في العقد، فهذا لا حرج فيه؛ لأن النسبة جاءت تبعاً لا أصالة، فهذا جائز ويكون الزائد من باب الجعالة.

وأما مسألة الأم والأب فلا علاقة لها بهذا، ويمكنك قبول ما تعطيه الأم لك دون إخبار الأب به، أو رفض قبوله منها إن كان ذلك لا يغضبها. والمصروف الشهري الذي يعطيه الأب لا علاقة له بالعمل، واحذر من الوساوس في هذا الباب .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني