الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تشغيل تسجيل القرآن الكريم في صالة الألعاب

السؤال

أذهب لصالة ألعاب رياضية، والقائمون عليها أناس مهذبون، لكنهم يشغلون القرآن على حاسوب؛ فيملأ صوت القرآن الصالة، في الوقت الذي يتكلم فيه المتدربون، ويصيحون، ويشوشون بشدة على القرآن، ونصحت أحد القائمين على الصالة -وهو ملتح، وتوسمت أنه هو الذي سيجيبني لطلبي- بألا يشغل القرآن -والحال هذه-، وكررت له النصح؛ فاستجاب بالفعل، لكنه عاد لتشغيله ثانية، والمقصود أنه يغلقه أحيانًا، ويشغله أحيانًا أخرى، فما واجبي تجاهه؟ وهل يجوز لي الاستمرار في التدريب في هذه الصالة؟ علمًا أني لا أعلم صالة أفضل منها من حيث تدين القائمين عليها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الإنصات لقراءة الكريم خارج الصلاة، مستحبة، غير واجبة عند أكثر العلماء، كما سبق في الفتوى رقم: 99483.

قال ابن مفلح: ويستحب استماع القراءة، وهو قول الشافعية، ويكره الحديث عندها بما لا فائدة فيه، وحكى ابن المنذر في الإشراف إجماع العلماء على أنه لا يجب الاستماع للقراءة في غير الصلاة، والخطبة. اهـ.

إلا أن تشغيل تسجيل لتلاوة القرآن الكريم في أماكن الصخب واللغو واللغط، وارتفاع الأصوات على القرآن الكريم، لا ينبغي، ويخشى أن يكون محرمًا؛ لما فيه من منافاة توقير كتاب الله، وقد نص بعض العلماء الذين لا يوجبون الإنصات لقراءة القرآن الكريم على حرمة رفع الصوت بقراءة القرآن العظيم في الأسواق ونحوها لهذا المعنى، كما بيناه في الفتوى رقم: 247483.

وعلى كل حال؛ فلا حرج عليك في التدرب في تلك الصالة، ولا تؤاخذ بعدم الإنصات إلى تسجيل القرآن الكريم -حتى على القول بوجوب الإنصات لقراءة القرآن العظيم خارج الصلاة- فإن الموجبين استثنوا أماكن الانشغال، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ويعذر المستمع بترك الاستماع لتلاوة القرآن الكريم، ولا يكون آثمًا بذلك -بل الآثم هو التالي، على ما ذكره ابن عابدين- إذا وقعت التلاوة بصوت مرتفع في أماكن الاشتغال، والمستمع في حالة اشتغال، كالأسواق التي بنيت ليتعاطى فيها الناس أسباب الرزق، والبيوت في حالة تعاطي أهل البيت أعمالهم من كنس، وطبخ، ونحو ذلك، وفي حضرة ناس يتدارسون الفقه، وفي المساجد؛ لأن المساجد إنما بنيت للصلاة، وقراءة القرآن تبع للصلاة، فلا تترك الصلاة لسماع القرآن فيه. وإنما سقط إثم ترك الاستماع للقرآن في حالات الاشتغال؛ دفعًا للحرج عن الناس، قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}، وإنما أثم القارئ بذلك؛ لأنه مضيع لحرمة القرآن. اهـ.

وتبعة تشغيل تسجيل القرآن الكريم إنما هي على المسؤول عن ذلك في الصالة، وينبغي لك أن تعاود نصحه، وتبين له الحكم الشرعي الذي شرحناه لك آنفًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني