الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل على المرء استحلال من عبس في وجهه؟

السؤال

هل عليّ طلب المسامحة ممن عبستُ في وجهه، أو أسأت الأدب معه، ولم أسئ له؟ وهل هو واجب، أم مستحب، أم ماذا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن الهشاشة، وطلاقة الوجه، والبشر عند اللقاء، من أخلاق المؤمنين، وهو من حسن الخلق المأمور به، وضد ذلك من العبوس والتقطيب هو من سوء الخلق المنهي عنه.

قال الجاحظ: العبوس هو التّقطيب عند اللّقاء بقلّة التّبسّم، وإظهار الكراهية، وهذا الخلق مركّب من الكبر، وغلظ الطّبع؛ فإنّ قلّة البشاشة هي استهانة بالنّاس، والاستهانة بالنّاس تكون من الإعجاب، والكبر. وقلّة التّبسّم -وخاصّة عند لقاء الإخوان- تكون من غلظ الطّبع، وهذا الخلق مستقبح، وخاصّة بالرّؤساء، والأفاضل. انتهى.

فاحرص على الهشاشة، وطلاقة الوجه عند لقاء الإخوان؛ فإنه من المعروف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ، فَالْقَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ. رواه أحمد، ومسلم.

ولا يجب عليك استحلال من قطبت، أو عبست في وجهه، ولم نر من نص على وجوب ذلك من أهل العلم، ولكن إن فعلت ذلك تطييبًا لقلبه، وإزالة لما قد يقع في نفسه من الوحشة، فهو حسن.

وأما ما ذكرت من سوء الأدب، فإن تعلق به حق لمن أسأت الأدب معه -كأن سببته، أو آذيته بأي نوع من أنواع الأذى-، فعليك أن تستحله.

وأما إن لم يشتمل على أذية له في نفس، أو عرض، فلا يجب الاستحلال، وإن أوقع ذلك وحشة، فتطييب قلبه حسن -كما ذكرنا-؛ وذلك كأن تمر على شخص فتترك بداءته بالسلام، فيجد في نفسه لذلك، فهذا وإن لم يكن واجبا عليك؛ فإن الابتداء بالسلام مستحب لا واجب؛ فإن تطييب قلوب الإخوان، وسل سخيمة صدورهم، مما ندب إليه الشرع، ورغب فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني