الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وهب ابنه شقة في حياته وأسكن ابنته في شقة، فهل للابن نصيب في الشقة الثانية؟

السؤال

عندما كان الوالد حيًّا، كان يملك شقتين، في محافظتين مختلفتين، وأعطى الابنة الشقة الأولى بعض الوقت هي وزوجها، إلى أن حان وقت زواج الابن؛ فطلب منها أن يأخذ الشقة منها ليسكن فيها أخوها وزوجه، وسوف يعوضها بدلًا منها حين ميسرة.
خططت زوجة الابن ليكتب الأب هذه الشقة باسم الابن، وسألوا الأخت عن موافقتها على ترك الشقة للابن، مقابل الشقة الثانية، مع العلم أن الشقة التي يسكنها الابن، ووافق الأب على أن يعطيها له، قيمتها أكثر من ثلاثة أضعاف الشقة الثانية.
وقبل وفاة الأب، تحايل الابن ليكون له نصيب في الشقة الثانية الأقل قيمة، بحجة أنه يريد أن يعطي ابنته نصيبًا بها، مستغلًّا كبر الأب وتجاوزه سن التسعين، وضعفه أمام أحفاده، فترك الأب الأمر معلقًا بخصوص الشقة الثانية، وتوفي -رحمه الله-.
تطاول الابن على أخته بعد وفاة الأب؛ ليأخذ ضعف نصيب الابنة بالشقة الثانية، بعد أن كان قد كتب الشقة الأولى باسمه، بل هددها ببيع الشقة وأخذ حقه -ضعف حقها- في الشقة الثانية، وأعطاها مهلة عدة أيام، وإلا سيبيع الشقة.
لا تملك الابنة هذا الثمن، فأرجأته لترى حلًّا، وهي تحاول أن تفهمه أنه قد وضع حلًّا سابقًا بأن تأخذ الشقة الثانية، مقابل الشقة الأولى غالية الثمن، والتي تساوى ثلاثة أضعاف الشقة التي كان قد تركها لها، دون جدوى.
وساوم أمه، فأعطته أمه من مالها الخاص الكثير دون مستندات؛ ليسكت عن تهديد أخته ببيع الشقة في حالة عدم توفر المال، الذي يوازى ضعف نصيبها بالشقة.
ماذا تفعل ابنة هذا الرجل المتوفى مع هذا الأخ العابث؟ علمًا أن لديها ابنتين، وترى أن تهب لهما كل أملاكها، ولا ترغب أن يدخل أخوها في أي ميراث لها بعد وفاتها، خاصة أن جزءًا من أموالها تملكه دون ميراث من أحد، ومن مال وأملاك كتبها لها زوجها هي وبناتها هبة، وهما -ولله الحمد- على قيد الحياة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد كان الواجب على الأب -رحمه الله- أن يعدل في عطيته بين أولاده، فيعطي بنته مثل ما أعطى ابنه، لكن إذا كان قد توفي وقد وهب لابنه شقة، وحازها في حياة والده، ولم يهب لابنته الشقة الأخرى، فالجمهور على أنّ هذه الهبة قد تمت للابن، وأنّ الشقة الثانية التي وهب الأب منفعة سكناها لابنته في حياته، ترجع إلى الورثة بعد موت الأب، لكن الأولى بكل حال أن يرد الابن ما فضله به أبوه، ويساوي بينه وبين أخته في الهبة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 332782.

والذي ننصح به البنت أن تكلم أخاها، وتنصحه بتحري العدل، والبعد عن الظلم، وأن يقسم بالعدل حتى يطيب له ما أخذه، ويبرِئ ذمة أبيه المتوفى، كما ننصحها بالعفو عن أبيها المتوفى، في شأن ما حصل من تفضيل في الهبة في حياته.

وأمّا بخصوص رغبتها في هبة أموالها لأولادها؛ بقصد حرمان أخيها من الميراث، فهذا غير جائز؛ لأنّ قصد مضارة أحد من الورثة، قصد محرم، وراجعي الفتوى رقم: 106777.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني