الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير القرآن دون الرجوع للتفاسير... رؤية شرعية

السؤال

أمي أصبحت تعتقد أن تفاسير القرآن جميعها أو معظمها خاطئة، ولا تثق بأهل العلم، وتقول إن كلام الله كامل، وأن القرآن يفسر نفسه بنفسه، ويستطيع أي أحد تفسيره بدون السُنة، أو كلام الصحابة أو التابعين، أو أهل العلم. وأنها وجدت كثيرا جدا من الأخطاء بالتفاسير، وفسرت الآيات بنفسها، وهي تكتفي بالبحث عن معنى بعض الكلمات لغويا على الإنترنت وتفسر. وعندما أخبرها بعدم صحة ذلك، وأبين لها بعض الأدلة -وأنا أعلم مسالك تفسير القرآن وشروطها- تغضب بشدة أحيانا إلى البكاء، ويمكن أن تدعو علي، ولا تريد أن تسمع، وتعكف في كثير من الأوقات على قراءة القرآن لتفسر بنفسها، وتريد إقناعي بما أصبحت تعتقد. لا أريد أن أغضبها أكثر، وأحزن بشدة على ما بها.
لقد تركت العمل أيضا منذ فترة، وأصبحت تجلس بالبيت وحدها كثيرا ولا تنزل، وأصبحت عندها وسوسة زائدة عن الحد من العديد من الأشياء.
فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما يُحمد لهذه المرأة حرصها على فهم القرآن وتلاوته، ولكنها ترتكب تناقضا، إذ تزعم أن القرآن مفهوم بنفسه، ثم ترجع في فهم الغريب من الكلمات إلى الإنترنت، أفلا رجعت إلى كلام العلماء الذين فسروا هذا الغريب وشرحوه.

لكننا نلمس من وصفك لأمك أنها محبة للدين، معظمة لشأن القرآن، ومن ثم فإننا نرى أن إقناعها لو سلكت فيه المسالك المرضية، سهل ميسور، وذلك بأن يبين لها أن العجمة قد فشت وانتشرت، وبُعدُ الناس عن اللغة السليمة، يتقاضاهم الرجوع ولا بد إلى أهل العلم الضابطين لهذه القواعد، كما أن أسباب نزول الآيات ومعرفة القرائن المحتفة بها، مما لا بد منه في فهم كتاب الله، وإلا لحملت كثير من الآيات على غير وجهها، كما وقع نظير ذلك من طوائف المبتدعة على اختلافهم.

وقد نفى كثير من أهل البدع الشفاعة -مثلا- مستندين إلى آيات نزلت في الكفار، فحملوها على غير محملها، وبين أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم خطأهم في ذلك، وأن الواجب الرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم المبين للقرآن بسنته، كما قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ {النحل:44}. ثم إن الله قد أمر في كتابه بالرجوع إلى أهل العلم والصدور عن قولهم، فقال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، {الأنبياء:7}.

فنحن نهمس في أذن هذه الأم الكريمة -جزاها الله خيرا- قائلين: أنت بهذا المسلك تخالفين نص القرآن من حيث لا تشعرين.

ولا ننكر أن في كثير من التفاسير أخطاء ظاهرة، لكن هذا لا يجوز أن يحمل الشخص على نبذ التفاسير بالجملة، بل يعدل إلى أقربها وأوفقها للسنة، وأتبعها للأثر، فيرجع إليه، كما يختار الشخص التفسير المناسب أسلوبه لفهمه، وقدرته على الاستيعاب، والتفاسير الأثرية الخالية من الإسرائيليات والأباطيل، كثيرة بحمد الله، فلترجع مثلا إلى تفسير الشيخ السعدي، وإلى مختصر تفسير ابن كثير ونحو ذلك من التفاسير النافعة.

وعليك أن ترفق بأمك -حفظها الله- وتعرض عليها كلامنا هذا، ولا نظن إلا أنها ستقتنع به -إن شاء الله- وتترك ما هي عليه من الخطأ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني