الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام نفقة الأولاد على الوالدين

السؤال

هل يجوز للمرأة شراء الأجهزة الإلكترونية (مثل جوال، قرص صلب، الحاسوب، أو غير ذلك) أو أشياء أخرى، إن كان والداها محتاجين، أم يجب عليها عدم الشراء لنفسها، وعليها الإنفاق على والديها، مع العلم أن المرأة لا تعمل دائما؟
وهل يجب عليها الإنفاق على والديها من مالها المدخر (مدخر للحاجة، أو مال ذهبها الذي باعته، والآن مدخر لشراء ذهب جديد)؟
وهل يجب بيع ذهبها للإنفاق عليهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالنفقة على الوالدين الفقيرين واجبة إجماعا، وأما إن كان الوالدان غير محتاجين بأن كان لديهما ما يكفيهما، أو كان لهما من الكسب ما يستغنيان به، فلا تجب النفقة عليهما.

قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْوَالِدَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا كَسْبَ لَهُمَا، وَلَا مَالَ، وَاجِبَةٌ فِي مَالِ الْوَلَدِ. انتهى.

وحيث وجبت النفقة عليهما، فإنها تجب بقدر ما يسد حاجتهما، ولا يجب على المنفق أن ينفق عليهما جميع ماله، أو يمتنع من شراء ما يحتاجه، وإنما عليه فقط أن يسد حاجتهما من مطعم ومشرب وملبس، ومسكن ونحو ذلك من الحاجات الأساسية.

قال في الروض في بيان النفقة الواجبة: وهي كفاية من يمونه خبزا وأدما، وكسوة ومسكنا وتوابعها. انتهى.

ثم إن نفقة الوالدين واجبة على البنت بحسب إرثها منهما، كما ذهب إليه الحنابلة، وهو ما يقتضيه قوله تعالى: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ {البقرة:233}.

قال في المغني: وَإِنْ اجْتَمَعَ ابْنٌ وَبِنْتٌ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، كَالْمِيرَاثِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ.... وقال الشافعي: النفقة على الابن لأنه العصبة. انتهى بتصرف.

وعلى هذا؛ فيجب عليك أن تنفقي على والديك بحسب حصتك من الإرث لو ماتا، فيما يحتاجان إليه من الحاجات الأساسية -كما قدمنا- ثم لك الحق في التصرف في بقية مالك كما تشائين، فتدخرين منه ما تشائين، وتشترين ما تشائين، وإذا وجبت نفقتهما وكان عندك ما تدخرينه مما يفضل عن حاجتك، فعليك أن تنفقي عليهما منه سواء كنت تدخرينه لشراء حلي أو لغير ذلك. وفي حال وجوب نفقتهما عليك، وليس عندك إلا حلي مدخر، فعليك أن تبيعي منه للنفقة عليهما.

جاء في المدونة في الفقه المالكي: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَالِدَيْنِ إذَا كَانَا مُعْسِرَيْنِ وَالْوَلَدُ غَائِبٌ، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ: عَرَضٌ أَوْ قَرْضٌ، أَيُعَدِّيهَا عَلَى مَالِهِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يُفْرَضَ لَهُمَا نَفَقَتُهُمَا فِي ذَلِكَ. انتهى.

واعلمي أن برك لوالديك ونفقتك عليهما، من أعظم القرب التي تتقربين بها إلى الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني