الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجزئ البدلة في كسوة كفارة اليمين؟ وهل يجوز إخراجها للجمعية دون إخبارهم؟

السؤال

هل يصلح أن أعطي ثوبًا دون ملابس داخلية له للكسوة؟ وهل تصلح البدلة والسروال كزي للكسوة؟ وهل يصلح أن أعطي الملابس للجمعية الخيرية، دون أن أقول لهم: إنها عن كفارة يمين، وأن يوزعوها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في مقدار الكسوة المجزئة في كفارة اليمين، جاء في المغني لابن قدامة: تتقدر الكسوة بما يجزئ الصلاة فيه؛ فإن كان رجلًا، فثوب تجزئه الصلاة فيه، وإن كانت امرأة، فدرع وخمار.

وبهذا قال مالك. وممن قال: لا يجزئه السراويل: الأوزاعي، وأبو يوسف. وقال إبراهيم: ثوب جامع، وقال الحسن: كل مسكين حلة؛ إزار ورداء. وقال ابن عمر، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعكرمة، وأصحاب الرأي: يجزئه ثوب ثوب. ولم يفرقوا بين الرجل والمرأة، وحكي عن الحسن قال: يجزئ العمامة. وقال سعيد بن المسيب: عباءة وعمامة.

وقال الشافعي: يجزئ أقل ما يقع عليه الاسم، من سراويل، أو إزار، أو رداء، أو مقنعة، أو عمامة، وفي القلنسوة وجهان. واحتجوا بأن ذلك يقع عليه اسم الكسوة، فأجزأ، كالذي تجوز الصلاة فيه.

ولنا: أن الكسوة أحد أنواع الكفارة، فلم يجز فيه ما يقع عليه الاسم، كالإطعام، والإعتاق، ولأن التكفير عبادة تعتبر فيها الكسوة، فلم يجز فيها أقل مما ذكرناه، كالصلاة، ولأنه مصروف إلى المساكين في الكفارة، فيتقدر، كالإطعام، ولأن اللابس ما لا يستر عورته إنما يسمى عريانًا، ولا مكتسيًا، وكذلك لابس السراويل وحده، أو مئزر، يسمى عريانًا، فلا يجزئه؛ لقول الله تعالى: {أو كسوتهم} [المائدة: 89].

إذا ثبت هذا؛ فإنه إذا كسا امرأة، أعطاها درعًا وخمارًا؛ لأنه أقل ما يستر عورتها، وتجزئها الصلاة فيه، وإن أعطاها ثوبًا واسعًا، يمكنها أن تستر به بدنها ورأسها، أجزأه ذلك.

وإن كسا الرجل أجزأه قميص، أو ثوب يمكنه أن يستر به عورته، ويجعل على عاتقه منه شيئًا، أو ثوبين يأتزر بأحدهما، ويرتدي بالآخر. ولا يجزئه مئزر وحده؛ ولا سروال وحده؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في ثوب واحد، ليس على عاتقه منه شيء.» اهـ.

والمرجح عندنا أن المجزئ هو أن تكون كسوة الرجل ثوبًا يصلح للصلاة، وكسوة المرأة درعًا وخمارًا، كما في الفتوى رقم: 140485.

وعليه؛ فإنه لا يجزئ في كسوة المساكين في كفارة اليمين الاكتفاء بإخراج ملابس داخلية فقط، لأنها ليست سترًا وحدها.

وأما البدلة المعاصرة المشتملة على سراويل -بنطال-، وفانيلة- تيشيرت-، فإنها مجزئة أيضًا.

وأما السراويل وحدها، فلا تجزئ.

وأما ما يتعلق بالجمعية الخيرية: فإن كانت لا تسلم الكسوة إلا للمساكين المستحقين، فلا يجب عليك إخبارها بأنها كفارة، وأما إن كانت الجمعية تعطي الكسوة للمساكين، ولغيرهم، فإنه يجب عليك أن تخبرها بأنها كفارة يمين، حتى تعطيها للمساكين وحدهم؛ لأنها لو أعطتها لغير المساكين لم تجزئك.

ونعتذر عن النظر في السؤال الثاني؛ لأننا بيّنّا في خانة إدخال الأسئلة، أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال، سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها، وإهمال بقية الأسئلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني