الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز للزوج التضييق على زوجته لتفتدي منه دون مسوغ شرعي

السؤال

لي أخت كانت متزوجة من أحد أقاربنا، وهو مغترب في أمريكا، وأنجبت له بنتان، وكان سيئ العشرة، ولا يهتم بها، ثم اختلفا ذات مرة، وكانت أختي عندنا فقال لوالدي عبر الهاتف: (ابنتك طالق)، ومنذ ذلك الوقت وأختي وبنتاها يعشن معنا في منزل والدي، ومرت سبع سنوات على الطلاق، والزوج مغترب لا يسأل عن بنتيه، ولا ينفق عليهما، ونحن لم نطالب رسميًّا بالنفقة، ولم نطلب منه حتى ورقة الطلاق؛ لأن أختي رغبت عن الزواج، واهتمت بتربية بنتيها، ثم عاد بعد هذه المدة الطويلة، وتزوج امرأة أخرى، وسافر إلى أمريكا، وعندما طلبنا منه ورقة طلاق أختنا، أنكر تطليقها، وليس لدينا شهود على أنه طلّقها سوى أهله المقيمين في مدينتنا، والذين كانوا قد أخبرونا أكثر من مرة أنهم يعلمون بالطلاق، لكنهم مؤخرًا رفضوا الشهادة عندما طلبناهم إلى المحكمة ليشهدوا، واحتجوا بأنهم لا يعلمون بشكل جازم إن كان طلّق أم لم يطلِّق، ولكن سمعوا الناس يتحدثون أنه طلّق، واتضح أن أولئك الأهل، وكذلك الزوج السابق يريد بإنكاره أن يضطرنا لطلب الخلع منه، وعندها يشترط علينا التنازل عن كل حقوق أختنا وابنتيها مقابل الخلع؛ فيتخلص من المهر، والنفقة المترتبة عليه لمدة ثمان سنوات، وهذا ما حصل فعلًا، فقد جاء وسطاء من أهله، وطلبوا منا التنازل عن الحقوق؛ مقابل أن يتم الخلع، فرفضنا تلك الوساطة، وأخبرناهم أنه قد طلّق من خلال الهاتف، ولا داعي للخلع أصلًا، واستمررنا في المرافعة ضده في المحكمة، فهل يضمن لنا الشرع والقضاء استصدار حكم قضائي، يقضي بفسخ الزواج بينهما، مع الحفاظ على الحقوق المادية المترتبة لأختي كاملة؛ استنادًا إلى كونه هاجرًا لأختي -على فرض أنه لم يطلقها كما ادعى- دون نفقة، ولا تسريح كل هذه المدة الطويلة؟ أم علينا إجبار الشهود من أهله على الحضور للمحكمة ليدلوا بشهادتهم، ويتحملوا عاقبة شهادتهم أمام الله إن شهدوا بالحق، أو لم يشهدوا به؟ وما الذي يجب علينا فعله؟ أفتونا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأفضل في مثل هذه المسائل التي تشتمل على دعاوى وخصومات، رفع الأمر فيها إلى المحكمة الشرعية، أو ما يقوم مقامها من الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين في البلاد الغربية، كالمراكز الإسلامية، جاء في بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا: ... فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة...

والأمر إلى القاضي الشرعي فيما يتخذ من قرار، بناء على ما سمع من الطرفين.

وما يمكننا قوله هنا على سبيل الفائدة هو: أن الزوج إذا أنكر الطلاق، وليس للزوجة بينة، فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35044. هذا أولًا.

ثانيًا: الشهادة يجب أداؤها في حال دون حال، ففي الأمر تفصيل، سبق بيانه في الفتوى رقم: 72596.

ثالثًا: لا يجوز للزوج أن يضيق على زوجته، لتفتدي منه من غير أن يكون له مسوغ شرعي لذلك، قال ابن قدامة: فأما إن عضل زوجته، وضارّها بالضرب، والتضييق عليها، أو منعها حقوقها؛ من النفقة، والقسم, ونحو ذلك، لتفتدي نفسها منه، ففعلت، فالخلع باطل، والعوض مردود. اهـ.

رابعًا: أنه يحرم على الرجل أن يفرّط في نفقة من تلزمه نفقته، روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا، أن يضيع من يقوت. علمًا أن لكم الحق في طلب نفقة بنات هذا الرجل، ونفقة زوجته إذا لم يثبت طلاقه لها خلال الفترة التي لم ينفق فيها عليهن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني