الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغدر والحيلة ليسا من خلق المسلم

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين, والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما.
أما بعد: شيوخنا الأفاضل أبقاكم الله خيرا للإسلام والمسلمين.
سؤالي: نحن جماعة من المسلمين ببلجيكا لدينا مكان نصلي فيه أوقات الصلاة والجمعة وغيره... ولكننا دائما في ضيق وخاصة في الجمعات والأعياد وفي رمضان .
وبجوارنا مكان للبيع وبعد موافقة الجماعة لشراء هذا المكان المجاور للمسجد, اتفقنا مع البائع على أن نقدم له 5000 يورو كعربون مسبقا وبعد ثلاثة أشهر ندفع له 100000 يورو ونكتب عند شهود عدل الوثائق الرسمية (أي الملكية) والباقي سنكمله بعد سنة وقبل هذا الطلب ولكن طلب منا أن نعطيه الباقي سوداء يعني بدون أن نكتبها في الأوراق لكي لا يؤدي عليها حقوق الدولة ( الضريبة) أعني هنا أنه يريد 50000 يورو تحت الطاولة بدون أن تكتب عند شهود العدل لكي لا يؤدي عليها واجبها للدولة. وهذا مقابل أن يصبر علينا لمدة سنتين لإتمامها. والباقي أعني 100000 يورو يجب أن تدفع قبل ثلاثة أشهر .
ونحن لم نستطع أن نجمعها في هذا الوقت المحدد ؟
ونتساءل هل تجوز هنا مساهمة أو التبرعات بالزكاة في هذا المشروع لشراء المسجد أو توسيعه.
السؤال الثاني : هل هذا العدد المطلوب من النقود السوداء التي تعطى في اليد بين الشاري والبائع جائز أم لا؟ لأنه لا يريد أن يكتب عدد النقود كاملة في الملكية لأنه يتهرب من واجب الدولة المجموع الكامل. عدد الشراء (150.000 يورو) وهو يريد أن نسجل في الملكية فقط 100.000 يورو والباقي أنوار( NOIR )أسود تعطى في اليد ولا تكتب أو تسجل عند العادل. وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما عن حكم بناء المسجد من أموال الزكاة فلا يلجأ إلى ذلك إلا عند الحاجة، بحيث تقصر أموال صدقات التطوع والتبرعات عن بنائه، وإن قصرت عنه، فالظاهر جواز ذلك ولا سيما في بلاد مثل البلاد المذكورة في السؤال، فإن المسجد والمركز الإسلامي بالنسبة للمسلمين المقيمين هناك يعتبران ضرورة، وبالتالي، فإن دخوله في بند (وفي سبيل الله) متجه جدا، وراجع الفتوى رقم: 2057.

وأما عن معاونة وموافقة هذا البائع على التحايل على القوانين الخاصة بمسألة البيع، فإننا ننصح المسلمين المقيمين في ديار الغرب بأن يعطوا صورة مشرقة عن المسلم ووفائه بالعهود والمواثيق، فمعلوم أن الداخل إلى تلك الديار دخل وهو معلن التزامه بقوانينها، وعلى هذا الأساس منح تأشيرة الدخول، وهذه التأشيرة بمثابة أمان وعهد يبذله المسلم تجاه هذا البلد وأهله وقانونه، والمسلم أوفى العالمين عهدا، وأوثقهم ذمة، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.

ولقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن اتفاق أبرم بينه وبين كفار قريش أنه قال: إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك عهدا وإنا لا نغدر بهم. رواه أحمد وغيره.

فالغدر والحيلة ليسا من خلق المسلم.

ولهذا لا نرى لكم موافقة هذا الرجل على الاحتيال وتجاوز القوانين، ولعل الله تعالى ييسر لكم أرضا أخرى تخلو من هذه الإشكالية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني