الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حصول الإثم والمؤاخذة في حقوق العباد

السؤال

سؤالي هو: عن الذنوب والآثام وكذلك الأجر، الذي أرغب في قوله هو هل إن كرهت إنساناً أو حقدت عليه أو ضربته سوف آثم، وهل إن أفرحت مسلماً وأسعدته إما بالكلمة الطيبة أو هدية وأفرحته سوف أكسب أجراً؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحقد خلق ذميم وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن فإن الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يشرك بالله شيئاً، ولم يكن ساحراً يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه. رواه البخاري في الأدب المفرد، والطبراني عن ابن عباس بإسناد حسن.

وورد في الحديث الشريف إثم من آذى الناس بشتم أو ضرب أو سفك دم... روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يوفى الذي عليه أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه ثم طرح في النار.

وفي حديث آخر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الدواوين، وقال: إنها ثلاثة، وذكر منها: وديوان لا يتركه الله، وبيَّنه بقوله: وهو ظلم العباد بعضهم بعضا. رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

هذه الأحاديث كلها تفيد حصول الإثم والمؤاخذة به إذا كان من حقوق العباد، وأما إن كان من حقوق الله، فإن الله يعاقب به أو يغفره إن شاء إن لم يكن شركا ولا سحراً ولا حقداً.

وبالنسبة للشطر الثاني من السؤال فإن الإسلام حث على فعل الخير بكافة أنواعه، قال الله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:77]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. رواه البخاري.

وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل فعل من أفعال الخير يفعله المرء لغيره يكون له به صدقة، روى الشيخان من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعة صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة.

وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.

فقد اتضح من كل هذا أن المسلم يؤجر بكل إحسان يفعله لغيره ولو كان كلمة طيبة، ومن شرط قبول العمل وحصول الثواب فيه أن يكون خالصاً لله، قال الله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110],

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني