الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابن باز وابن عثيمين ودوران الأرض والشمس

السؤال

أصحيح أن الشيخين ابن باز وابن العثيمين رحمة الله عليهما أفتيا بعدم دوران الأرض وأن الشمس التي تدور حول الأرض ومن قال غير ذلك فقد كفر؟ وإن كان صحيحا كيف يمكن أن يسمح علماء أجلاء كابن باز وابن العثيمين المسموعين في العالم أن يجعلون شبهة كهذه على القرآن الذي لا يتضارب مع العلم؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلامتان ابن باز وابن عثيمين رحمة الله عليهما عالمان شامخان من علماء العصر الأجلاء الحريصين على نصرة الحق وقمع الباطل والبدعة والضلال ونشر عقيدة السلف الصالح. وأما ما نسب إليهما من تكفيرمن قال بدوران الأرض فإنه من التلفيق والكذب والطعن فيهما، وقد رد العلامة ابن باز على من ادعى ذلك فقال: أما ما نشرته عني مجلة السياسة من إنكاري هبوط الإنسان على سطح القمر وتكفير من قال بذلك أو قال إن الأرض كروية أو تدور فهو كذب بحت لا أساس له من الصحة، كما أني قد أثبت في المقال فيما نقلته عن العلامة ابن القيم ما يدل على إثبات كروية الأرض أما دورانها فقد أنكرته.. ولكني لم أكفر من قال به وإنما كفرت من قال إن الشمس ثابتة غير جارية لأن هذا القول مصادم لصريح القرآن والسنة المطهرة. اهـ. وكذلك نفى العلامة ابن عثيمين دوران الأرض ولم يكفر من قال به كما في فتاواه. والسبب في عدم قولهم بدوران الأرض هو عدم صحة الدليل النقلي عندهما في ذلك بالإضافة إلى ظنهم أن إثبات دوران الأرض مجرد نظريات قابلة للنقض. ولا شك أن دوران الأرض حول نفسها ثم حول المجموعة الشمسية بأكملها حول المجرة أصبح حقيقة علمية ثابتة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام: 12870، 26538، 22383. واعلم رحمك الله أنه ليس من شرط العالم أن لا يخطئ والكمال عزيز فلا نغلوا فيهما وندعي لهما العصمة ولا نجفوا عنهما بتتبع زلاتهما التي لم يسلم منها بشر وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل مجتهد مأجور كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن العاص في الصحيحين: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر. قال أبو محمد ابن حزم: عموم لكل مجتهد لأن كل من اعتقد في مسألة ما حكما فهو حاكم فيها لما يعتقد هذا هو اسمه نصا لا تأويلا لأن الطلب غير الإصابة وقد يطلب من لا يصيب على ما قدمنا ويصيب من لا يطلب فإذا طلب أجر فإذا أصاب فقد فعل فعلا ثانيا يؤجر عليه أجراً ثانيا أيضا. اهـ. من الإحكام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني